يجتهد أصحاب الأعمال الدرامية والمنوعات للاستحواذ على الشاشة في رمضان بين ما ينفع للعرض على مائدة الإفطار وما يعرض قبلها وبعدها وطوال اليوم والليلة، وبدورهم ينقض المعلنون لاقتطاع وقت ليس باليسير من عدد من الأعمال التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية فيما يتنقل المشاهد بضجر بين القنوات ريثما تمضي موجة الإعلان في حالها إذا لم يشترك في خدمة مدفوعة عبر منصات معينة.
في شهر رمضان المخصص أصلًا للعبادة والصيام والصلاة وتلاوة القرآن وليس للركض وراء أشهى المأكولات وأمتع المشاهدات وحلبات الجوائز، تنتظم عدة سباقات منها سباق الشربة وماراثون السحور وسباق الأعمال التلفزيونية، وكل صاحب سوق يعرف كيف يشد الناس لبضاعته التي لن يتوفر موسم لازدهارها أفضل من شهر رمضان المبارك على الجميع، ما شدني هذا العام حجم الأعمال الدرامية وبرامج المنوعات والمسابقات وحتى الصدقات على الشاشات الليبية والتي شهدت تطورًا كميًا ونوعيًا على مستوى الإخراج والأداء والتصوير والإنتاج وفتح المجال للوجوه الجديدة لكن النص مازال الحلقة الأضعف بين إهماله إن وُجد أو غيابه التام، بعض الممثلين اتسم أداؤهم ب(الأفورة) حد التصنع وشاب الحوار علو الصوت مع رفع الحاجبين و(التفنيص) أحيانًا ودونما مبرر، فضلا عن تقديم المرأة الليبية بمنتهى السطحية فكرًا وثقافة وسلوكًا في أكثر من عمل، وها قد مضى حتى الآن أكثر من أسبوع ما يعني مشاهدة ما نسبته بين 25% و50% من الأعمال، وأتساءل أحيانًا: ماهي الرسالة التي يرغب القائمون على بعض الأعمال في إيصالها من خلال أعمالهم؟
كثيرا ما يقال إن الفن مرآة الشعوب.. وبعد ما شاهدته من أعمال تدفقت عبر الشاشات الليبية عارضة مواضيع (العنف – الهجرة – الفساد – التفكك الأسري – الانحلال الأخلاقي – المخدرات – السلاح – البطالة – السطحية – السحر والشعوذة – اختلال موازين الأسرة – الهامشية – ضعف الجانب الأمني …الخ)، فإن كانت هذه الأعمال مرآة تعكس واقع الشعب الليبي، كيف وصل بنا الحال إلى هذا المستوى؟ وماذا عسانا فاعلون بعد أن وقفنا أمام المرآة ورأينا ما رأيناه؟ وإن لم يكن هذا واقعنا لماذا تستنسخ مرآتنا واقع غيرنا بدل أن تعكس واقعنا وثقافتنا؟