أحمد أبوعجيلة
بعد غياب دام أكثر من 16 عامًا، عاد ملعب بنغازي ليشعّ من جديد، حيث شهد حفل افتتاح ضخم، بحضور كوكبة من أساطير كرة القدم العالمية، يتقدمهم النجم الهولندي كلارنس سيدروف، والبرازيلي روبيرتو كارلوس، والبرتغالي لويس فيغو، والكاميروني صامويل إيتو، والإيطالي ماركو ماتيرازي والبرازيلي جوليو سيزار، إلى جانب العديد من نجوم الكرة الذين أضفوا لمسة استثنائية على هذا الحدث التاريخي.
الحفل كان لوحة فنية مزجت بين الأصالة الليبية والعراقة العالمية، حيث تخللته عروض رائعة مستوحاة من الثقافة المحلية، ممزوجة بأجواء كروية عالمية تعكس عودة الملعب بحلّة جديدة تليق بتاريخه العريق. الأضواء، الألعاب النارية، والعروض البصرية جعلت الافتتاح لحظة لا تُنسى، وسط هتافات الجماهير التي عادت لتملأ المدرجات بشغف كبير، بعد سنوات من الانتظار.





ميلاد معلم رياضي.. البداية التاريخية
في عام 1967، وُلد ملعب بنغازي ليكون شاهدًا على حقبة من تاريخ الكرة الليبية. لم يلبث أن أصبح أحد أهم الملاعب في البلاد، حيث احتضن أول مباراة دولية رسمية في 12 أكتوبر 1969، عندما استضاف لقاء التحدي أمام الإسماعيلي المصري ضمن بطولة الأندية الإفريقية.
لم تمر سوى أشهر قليلة حتى دُوّن أول هدف على أرضيته، حين سجل عبد الجليل الحشاني اسمه بأحرف من ذهب، بتسجيله أول أهداف الأهلي ببنغازي في شباك الزمالك المصري خلال مباراة ودية أقيمت في ديسمبر من العام ذاته.
ملعب بنغازي يحتضن المنتخب الوطني
لم يكن الملعب مجرد مقر للمباريات المحلية، بل أصبح معقلًا مهماً للمنتخب الوطني. ففي الخامس من يوليو 1970، خاض المنتخب الليبي أولى مبارياته الدولية على ملعب بنغازي ملعب 28 مارس سابقاُ أمام الجزائر ضمن دورة كأس الإجلاء الدولية الأولى، وانتهى اللقاء بالتعادل بهدفين لمثلهما، ليكون شاهدًا على رسم هوية وملامح المنتخب الليبي في المنافسات القارية.
محطات لا تُنسى وبطولات تاريخية
على مر العقود، احتضن ملعب بنغازي العديد من البطولات الكبرى، من بينها دورتي كأس الإجلاء عامي 1970 و1971، وبطولة كأس فلسطين في نسختها الثانية عام 1973، كما استضاف واحدة من أهم المحطات في تاريخ الكرة الليبية، كأس أمم إفريقيا عام 1982، التي وضعت البلاد على خارطة كرة القدم القارية.
بالإضافة إلى استضافته لأول نسخة من بطولة كأس السوبر الليبي، وكان مسرحاً مهماً في مشوار مشاركة فريق النصر إفريقياً عام 1985 حيث وصل إلى دور نصف النهائي.
حلم المونديال.. أقرب نقطة للإنجاز العالمي
كانت تصفيات كأس العالم 1986 أبرز اللحظات التي عاشها هذا الملعب، حين التقى المنتخب الليبي مع نظيره المغربي في مباراة ملحمية كادت أن تفتح أبواب المونديال أمام ليبيا. فاز منتخبنا الوطني في لقاء الإياب ببنغازي بهدف نظيف، لكن فارق الأهداف منح بطاقة التأهل للمنتخب المغربي، تاركًا الجماهير الليبية في حسرة رغم الأداء البطولي.
انتصار قياسي قبل سنوات الصمت
في عام 2003، سجل الملعب آخر مباراة دولية رسمية قبل إغلاقه، عندما واجه المنتخب الليبي نظيره ساو تومي في التصفيات المزدوجة لأمم إفريقيا وكأس العالم. المباراة انتهت بفوز كاسح لليبيا بثمانية أهداف نظيفة، تناوب على تسجيلها أحمد المصلي (هاتريك)، طارق التايب (ثنائية)، ومرعي الرملي، أحمد سعد، ومحمد الككلي، الذي دوّن آخر الأهداف الرسمية على أرضية هذا الملعب.
إحياء جوهرة بنغازي بعد 16 عامًا من الغياب
بعد أكثر من عقد ونصف من الإغلاق، عاد ملعب بنغازي بحلّة عالمية، حيث خضع لعملية تطوير شاملة جعلته يواكب المعايير الدولية. تم تحديث أرضية الملعب بأفضل أنواع العشب، وتزويده بأنظمة إنارة متطورة، مع تحسين المرافق الداخلية والمدرجات، لتوفير تجربة أكثر راحة وأمانًا للجماهير.
حفل الافتتاح كان إعلانًا عن استعادة بنغازي لمكانتها كأحد أبرز المدن الرياضية في ليبيا، حيث عادت الهتافات لتملأ مدرجاته، وعاد الشغف ليضيء أجواءه من جديد.
ومع اعتماده رسميًا من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أصبح الملعب جاهزًا لاستضافة كبرى المنافسات، ليكون مجددًا معقلًا للمنتخب الوطني والأندية الليبية في رحلتها القارية والدولية، ونافذة جديدة لمستقبل مشرق للكرة الليبية.