بوضـــوح
بقلم / عبدالرزاق الداهش
حالة ثالثة لا نقدر أن نسميها ديمقراطية، ولا يمكن أن نقول أنها دكتاتورية، ولعله من الأنسب أن نضع لها مفردة «المزايدا قراطية». .
في هذه الحالة أي المزايدا قراطية، لا يستطيع طرف أن يرفض الأخر، ولكنه في الوقت نفسه، لا يريد القبول به، وتونس نموذجا.
إذا كانت الديمقراطية في أحد معانيها، تعني فن إدارة الاختلافات، فالمزايدا قراطية، هي بالضبط إدارة المهاترات، والاتهامات.
قاموس «المزايدا قراطية» يعج بكل كلمات الشتيمة، والسب والقذف، والتراشق غير الرياضي.
لم تقف المزايدا قراطية في إيطاليا، ووجدت مكانا لها في تونس، بعد صورة متميزة، لحالة ديمقراطية مبهرة في المنطقة.
تونس بالتأكيد ليست فنلندا، ولا السويد، ولا هولندا، ولا حتى إيطاليا وباقي دول العالم العتيدة، والراسخة، التي يمكن أن تظل أربعين عاما بلا حكومة، ويتغير ربع ذيلها.
المزايدا قراطية، تفسد أي برنامج، ويمكن أن تخرب أية مبادرة، أو مشروع، ولو كان لصالح الشعب، حيث سوف ترميه في سوق الأخذ، والرد ، حتى الانتهاء إلى لا شيء.
والمزايدا قراطية، تحول البرلمان من جهاز تشريع، ومؤسسة تمثل الشعب، إلى صندوق للتهريج، وحلبة لتنتيف الريش، ومضيعة للوقت.
وحوار المزايدا قراطية عقيم لا يمكن أن يؤسس عليه، فهو مجرد ردح، وخطاب کرهنة، وشيطنة، وتخوين.
وتونس دولة صغيرة، وديمقراطية طريئة، لا تحتمل هذا الإنفاق المجاني للوقت، وللجهد، ومصالحة أحلام الناس.
نصف حقل زيتون، أو نخيل، أفضل من ثلاثة أرباع القنوات التلفزيونية التونسية، التي تكسر رؤوس التونسيين كل ليلة، في بلد لا تكفيه احتياطه من النقد الأجنبي ثلاثة أشهر واردات.
بلد المليون عاطل عن العمل لا يجب أن تكون عاطلة على الأمل.