يقلم / هيثم الدغري
من المتوقع أن تشهد الدولة الليبية موجة تسونامى من قضايا مُتعلقة بتعاقداتها الإدارية، مع الإشارة إلى أن حجم القضايا المرفوعة حالياً ضد الدولة سواء في ساحات القضاء أوفي ميادين التحكيم ليست بالقليلة، والحديث يدور عن تعويضات قد تتجاوز خانات أرقامها الأربع والخمس والست خانات، فهل يا ترى هناك من يستطيع أن يُقدم إجابة دقيقة بعدد تلك القضايا ويعرف بشكل مُفصل مكامن القوة ونقاط الضعف في موقف الدولة الدفاعي؟، فمع كامل الاحترام والتقدير للجهود المبذولة من الأخوة سواء في إدارة قضايا الحكومة أو في الجهات الحكومية المرفوعة ضدها تلك القضايا يظل حجم المعركة اكبر من إمكانيتهم، والموجة اكبر من قدراتهم، خاصة في غياب تنسيق مُشترك واضح وعدم وجود دفة واحدة تقود المعركة، ما قد يدفع للتساؤل عن العُدة والعتاد التي جهزتها الدولة الليبية لذلك النزال خاصة أمام تحشيد أدوات التنفيذ المُتعاقدة مع الدولة الليبية وارتباطها في تكتلات واتحادات بهدف مواجهة الدولة صفا واحد، هذه الدولة التي مزقتها ويلات الصراعات ونهش جسدها أباطرة الفساد، ويكاد سرطان الإهمال وفيروس التسويف أن يُجهز على الرمق الأخير بها.
نقطة أخرى من المهم التطرق لها وهى الأساس القانوني الذي ستُبنى عليه رحلة العودة لاستكمال تنفيذ المشاريع المتوقفة، فتوجيه الدعوة للرجوع يحتاج إلى إيجاد آلية تعاقد قانونية تتكيف مع الأحداث وتواكب التغييرات الحاصلة في عدة عناصر لها علاقة رئيسية بموضوع التعاقد، وتضع آلية موحدة لجميع أدوات التنفيذ بنماذج مُعتمدة تبين الشروط المُنظمة لاستكمال العمل في المشاريع المتوقفة، وإن كان الحديث عن نماذج العقود حديث ذو شجون سيتم الاكتفاء فقط بالإشارة إلى أن العقود المُبرمة من قبل جميع أدوات التنفيذ تستخدم نماذج عمرها تجاوز الثلاثين سنة، وعددها لا يتجاوز الخمس نماذج فقط مع أن العملية التعاقدية تحتاج لنماذج أكثر لكن لا وجود لهذه النماذج مما يدفع للتساؤل عن الكيفية التي تتعاقد بها الدولة في مشاريع يخرج موضوعها عن النماذج المعتمدة، ومن خلال الاطلاع على النماذج المعتمدة يُلاحظ وجود أكثر من مادة بها مُخالفة ومُتعارضة مع أحكام لائحة العقود، كما أنه من المهم الإشارة إلى ورود مواد في بعض العقود الإدارية المُبرمة مخالفة لأحكام اللائحة ولنماذج العقود الإدارية المعتمدة أيضا، نقطة أخرى يجب إيجاد مُعالجة فورية لها وهي «التكلفة زائد هامش» مع أن هناك جهد بُدل من وزارة التخطيط في هذا الصدد لكنه لم يُستكمل.
وختاماً هذه دعوة مزدوجة الأولى مفتوحة لكافة وسائل الإعلام لتبني حملات صحفية تسلط الضوء على ملف المشاريع المتوقفة وتستعرض جميع وجهات النظر من ذوي العلاقة، كما يمكنها أن تُفرد مساحات لاستعراض مُقتطفات من تقارير ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية فيما يخص المشاريع، وبهذه المناسبة يمكن الاستفسار من ديوان المحاسبة عن سبب تأخر التقرير السنوي عن موعده المُفترض، ويمكن للأخوة في صحيفة الصباح أخذ المبادرة للقيام بذلك.
والدعوة الثانية مُحددة التوجيه للسيد رئيس مجلس الوزراء بشان إيلاء هذا الملف اهتماماً خاصاً، وبحث مدى ضرورة إنشاء هيئة تُعنى بالتعاقدات الإدارية وقد يكون الوقت حان لإنشاء وزارة للأشغال الحكومية أو على أقل تقدير تكليف فريق مُتخصص يكون بمثابة غرفة عمليات مُشتركة بكل ما تحمل الكلمة من معنى يُكلف بهذا الملف بمهام مُحددة على أن يمنح رئيسه صلاحيات واسعة ويمكن تسمية وزير دولة لشؤون التعاقدات الإدارية.