منصة الصباح

“ترامب” وسياسة العصا قبل الجزرة

أحلام محمد الكميشي

عرض الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” نقل سكان غزة إلى مصر والأردن، ما أثار موجة من الانتقادات الرافضة لسياسات التهجير الرامية لتفريغ فلسطين من أهلها، والقائمة على فكرة إبعاد الفلسطينيين بدلاً من إنهاء الاحتلال، ويمثل العرض استمرارً لتبنّى سياسات داعمة لإسرائيل خلال رئاسته الحالية، عبر تجاهله حقوق الفلسطينيين في أرضهم، فاقتراحه لم يأتِ في سياق مبادرة سلام، بل في سياق خطة ربما لإعادة تشكيل التركيبة الديموغرافية للمنطقة بأكملها، وقد عكس الرد المصري والأردني وعيًا بالمخاطر الاستراتيجية والأمنية، إذ إن فتح الباب لمثل هذه الطروحات قد يكرّس واقعًا لا رجعة فيه، لكن، هل سيصمد هذا الرفض أمام سياسات الضغط التي قد يلجأ لها “ترامب” لحمل الدولتين على الموافقة؟

وعلى صعيد آخر وفي خطوة مفاجئة، قرر ترامب وقف التمويل الأمريكي الخارجي لمدة 90 يومًا، وهو قرار يحمل أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة، خاصة في ظل تصاعد التوترات العالمية، مما أثار تساؤلات حول دوافعه الحقيقية: هل هي مجرد ورقة ضغط على الدول التي لا تتماشى مع السياسات الأمريكية؟ أم أنها محاولة مؤقتة لإرضاء للناخبين الأمريكيين الرافضين للإنفاق الخارجي؟

قد يكون وقف التمويل مجرد أداة مساومة، ورسالة موجهة للدول المستفيدة لإعادة حساباتها مع واشنطن، خصوصًا تلك التي تتلقى دعمًا عسكريًا أو اقتصاديًا كبيرًا، لكنه يكشف أيضًا عن نوايا ترامب في فرض مزيد الضغوط على الحلفاء قبل الخصوم، لكن هذه السياسة المتزامنة مع ذروة تقاطع المصالح الأمريكية الروسية في عدة بؤر ساخنة ليس أولها أوكرانيا ولا آخرها الكونغو، قد تدفع الدول التي تعتمد بشكل جزئي على المساعدات الأمريكية للبحث عن بدائل دولية أخرى كالصين وروسيا، ما قد ينعكس سلبًا على النفوذ الأمريكي في المنطقة.

وفي ظل تهديدات ترامب السابقة التي طالت كلًا من قناة بنما وغرينلاند، يظل السؤال مفتوحًا: هل سيواصل “ترامب” التصعيد ويدفع الولايات المتحدة عمليًا نحو المزيد من الصراعات؟ وما هي الأدوات التي سيلجأ إليها لإجبار مصر والأردن على تغيير موقفهما من مقترحه بشأن غزة؟ أو لتسديد ثمن قبوله رفضهما لعرضه؟

 

 

شاهد أيضاً

مسكينة مادة الحساب!

الكاتب والصحفي : عبدالرزاق الداهش   وزير المالية (نام واستيقظ)، وألقى علينا رقم مئة مليون …