ايناس احميدة
اليوم، وبينما كنت أتصفح فيسبوك، ظهر أمامي إعلان ممول شدّ انتباهي. “دورات تدريبية مجانية للشباب الليبيين من 18 إلى 35 عامًا، غير الدارسين والعاطلين عن العمل.” بدا الأمر مشجعًا، خاصة وأن المجلس النرويجي للاجئين، الجهة المنظمة، يُعرف بأنه منظمة إنسانية تقدم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا.
أكملت قراءة الإعلان باهتمام. الدورات تشمل مجالات مهنية متنوعة منها البناء وتقنية المعلومات وخدمات المطاعم والمقاهي والفندقة والصناعات الغذائية
الفرص التدريبية مصحوبة بمنح مالية لمن يجتاز الدورات بنجاح، إلى جانب دورات في إدارة الأعمال ودراسات الجدوى، ما يمنح الشباب أدوات تساعدهم في إيجاد فرص عمل أو تأسيس مشاريعهم الخاصة.
بحماسة، أرسلت رابط التسجيل لعدد من الشباب الذين أعرف أنهم يبحثون عن فرصة كهذه. كنت أتخيل أنهم سيبدأون إجراءات التسجيل فورًا، ولكن بعد وقت قصير، عاود احدهم مكالمتي من أحدهم، متسائلا: هل اطلعتِ على استمارة التسجيل؟
فأجبته: لا لماذا؟ هل واجهت مشكلة؟
فرد قائلاً: “الحقيقة، تفاجأت بطلبهم لمعلومات دقيقة جدًا عن أسرتي! يريدون معرفة عدد أفرادها، ومستواهم التعليمي، ووضعنا الاجتماعي والصحي! لماذا قد يحتاجون لهذه التفاصيل لمجرد دورة تدريبية؟”
أغلق الشاب الهاتف وبقيت أفكر: هل من الطبيعي أن يُطلب من شخص يسعى لتحسين مهاراته أن يكشف تفاصيل شخصية عن عائلته؟ هل هذه المعلومات ضرورية فعلًا لتحديد أهلية المتدربين، أم أنها مجرد إجراء غير مبرر يمس بالخصوصية؟
باعتبار المجلس النرويجي منظمة إنسانية،- كما يقدم نفسه- فمن المفترض أن يلتزم بأخلاقيات العمل الإنساني، التي تضع احترام خصوصية الأفراد على رأس أولوياتها. صحيح أن بعض البرامج التدريبية تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، لكن هذا لا يعني بالضرورة إجبار المتقدمين على تقديم معلومات حساسة دون مبرر واضح.
هل يجب أن نسأل؟
ربما كان هناك تفسير منطقي لهذا الطلب، وربما لا. لكن الأهم أن يحق لأي متقدم التساؤل قبل مشاركة بياناته الشخصية:
-لماذا تحتاج الجهة المنظمة هذه المعلومات؟
-هل تقديمها إجباري أم اختياري؟
-كيف سيتم استخدامها؟ وهل هناك ضمانات لحماية الخصوصية؟
التدريب فرصة، لكنه لا يجب أن يكون على حساب الحق في الخصوصية والاحترام. فبين البحث عن فرصة عمل وحماية المعلومات الشخصية، يجب أن يكون هناك توازن لا يُفرض على المتدربين التخلي عنه دون مبرر.
فهل يحق لهذه الجهات طلب مثل هذه المعلومات؟