منصة الصباح

صُنعَ في ليبيا.. بين الواقعِ والطموح

تقرير/ طارق بريدعة

سعى الليبيون على مدار عقودٍ من الزمن، إلى تحقيق حلمهم في رؤية منتجات وطنية تحمل شعار “صنع في ليبيا”، تعكس كفاءة محلية قادرة على المنافسة في السوقين الداخلي والخارجي..

ورغم الدعم المالي المخصّص لإنشاء مصانع ومؤسسات صناعية، لا تزال الجهود مبعثرة، والخطوات متعثرة. وما زال السوق الليبي يعتمد بشكل شبه كامل، على المنتجات المستوردة من دول مثل الصين وإيطاليا وأمريكا والإمارات وفيتنام، حيث تُغرق هذه المنتجات المتاجر المحلية، من الصناعات الغذائية إلى مواد البناء، وحتى الإلكترونيات.

إنتاج ليبي

حتى بعض المنتجات التي تحمل اسم ليبيا، كمنتجات الألبان، تعتمد في جوهرها على مواد خام مستوردة، نتيجة غياب مشاريع محلية تدعم الإنتاج الأساسي مثل مزارع الأبقار..

ويطرحُ هذا الواقع سؤالاً ملحاً:’ ما هو دور وزارة الصناعة والمعادن، في ظل غياب صناعات وطنية حقيقية؟!

تعزيز الشراكة الصناعية مع اليابان

في إطار الجهود الرامية لتطوير القطاع الصناعي، عقد وزير الصناعة والمعادن لحكومة الوحدة الوطنية، لقاءً مع السفير الياباني لدى ليبيا، حيث تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون الصناعي والتقني بين البلدين..

وخلص الاجتماع إلى ضرورة الاستفادة من التقنية اليابانية، وتأكيد الوزير أهمية الاستفادة من السمعة العالمية للصناعة اليابانية، وتطبيقاتها المتقدمة في مجالات التعدين والطاقة والتنمية المستدامة..

كما تم بحث سبل توظيف التقنية اليابانية، في تطوير استغلال الثروات الطبيعية الليبية، من خلال تحديث الدراسات الجيولوجية..

و دعا الوزير الجانب الياباني للاستثمار في المشاريع الصناعية، خصوصاً في مجالات الطاقة المتجددة والمناخ..

إنتاج ليبي

 أبرز ملفات التعاون المقترحة

برامج تدريب الكوادر الليبية عبر وكالة “جايكا” اليابانية، وتطوير المراكز البحثية الوطنية لتكون نواة للابتكار الصناعي وتوطين التقنية الحديثة، عبر شراكات مع القطاع الخاص والعام..

تقييم أداء وزارة الصناعة والمعادن

ضمن سلسلة جهودها لتحسين الأداء، عقدت وزارة الصناعة والمعادن اجتماعها السنوي الثالث في مصراتة، برئاسة الوزير، وبمشاركة رؤساء الإدارات والمراكز التابعة للوزارة..

وكانت محاور الاجتماع:-

مراجعة الأداء السنوي: تم تقديم عرض تفصيلي عن إنجازات الوزارة خلال العام، بما يشمل جمع وتحليل البيانات الصناعية..

تحديات القطاع: ناقش الحاضرون العقبات التي تعترض تطور الصناعة الليبية، ومنها ضعف البنية التحتية، وغياب التمويل المستدام..

وضع خطط تنفيذية: شدّد الوزير على أهمية وضع خطط عملية تُترجم على أرض الواقع، مع تعزيز التنسيق بين الجهات التابعة للوزارة..

إنتاج ليبي

التكامل بين الصناعة والتعليم العالي

أدركت وزارة الصناعة والمعادن أن تطوير القطاع الصناعي، يتطلب شراكة قوية مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية.. وفي هذا السياق، نظَّمت الوزارة ورشة عمل بالتعاون مع وزارة التعليم العالي، ركزت على:

ربط التعليم بسوق العمل، والعمل على تكييف مُخرجات التعليم العالي لتلبية احتياجات السوق الصناعي المحلي..

وتفعيل دور البحث العلمي لتطوير الصناعات الوطنية، عبر مشاريع تطبيقية ومبتكرة..

و تقديم فُرص تدريبية لطلبة الجامعات، في مجالات التقنية المتقدّمة والتحوّل الرقمي.

أبرز مخرجات الورشة:

توقيع اتفاقيات تعاون بين وزارة الصناعة والهيئة الليبية للبحث العلمي، ومركز بحوث إدارة الأصول الهندسية..

إنشاء مكاتب شراكة داخل الجامعات، لتفعيل التواصل بين القطاع الصناعي والمؤسسات الأكاديمية..

دعم مشاريع الثورة الصناعية الرابعة، لتعزيز التنافسية الصناعية في ليبيا..

إطلاق جائزة أفضل مُنتج محلي

في إطار تشجيع الصناعة الوطنية، أطلقت وزارة الصناعة والمعادن جائزة “أفضل مُنتج محلي”، تهدف إلى تعزيز جودة المنتجات المحلية.

وتحفيز الشركات والمصانع الوطنية على الابتكار، وخلق بيئة تنافسية تدعم الاقتصاد الوطني..

وقال وكيل الوزارة لشؤون الإنتاج، إن هذه الجائزة تمثل خطوة ملموسة نحو دعم المنتج الوطني، وستُسهم في تحسين جودة المنتجات، وزيادة قدرتها على المنافسة داخليًا وخارجيًا..

إنتاج ليبي

الاستعداد لورشة إدارة الأصول الهندسية

في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة القطاع الصناعي، تعكفُ وزارة الصناعة على التحضير لورشة عمل متخصصة حول “إدارة الأصول الهندسية”..

 تهدف الورشة إلى:

تعزيز مفاهيم الإدارة الفعَّالة للأصول الهندسية، وتقليل التكاليف التشغيلية وزيادة الإنتاجية وتوفير برامج تدريبية لتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال..

دورُ الجامعات والمصانع

٧؟.تمَّ الاتفاق على إشراك الجامعات ومراكز الأبحاث والمصانع، لضمان الخروج بتوصيات عملية، تُعزّز من أداء المؤسسات الصناعية..

أهمية الصناعات الوطنية في السوق الليبي

– آراء أكاديمية، نتجت عن عملية بحثنا عن اقتباس بعض الآراء، من اكاديميين في مجال الاقتصاد..

تعدُّ الصناعات الوطنية العمود الفقري لأي اقتصاد، يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.. في السوق الليبي، الذي يعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية الاحتياجات المحلية، يشكل تطوير الصناعات الوطنية ضرورة ملحة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على الخارج، وتوفير فرص عمل محلية..

إنتاج ليبي

 أبرز آراء الأكاديميين حول هذا الموضوع:-

 تعزيز السيادة الاقتصادية

يؤكد الدكتور “علي المبروك”، أستاذ الاقتصاد بجامعة طرابلس، على أن الصناعات الوطنية تشكل وسيلة لتحقيق السيادة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الواردات..

ويضيف: عندما نصنع محليًا، نوفر العملة الصعبة التي تُنفق على الاستيراد، ونضمن استقلالية السوق المحلي، خاصة في ظل الأزمات العالمية، التي قد تؤدي إلى نقص الإمدادات أو ارتفاع تكلفتها..

كما يشير إلى أهمية الصناعات الغذائية والدوائية كأولية استراتيجية، خاصة أن ليبيا تستورد ما يزيد عن “85%” من احتياجاتها في هذين المجالين..

تقليل معدلات البطالة

بحسب الدكتورة “فاطمة الشلوي”، أستاذة إدارة الأعمال بجامعة بنغازي، فإن تعزيز الصناعات الوطنية يُساهم في خلق فرص عمل للشباب، ما يقلل من معدلات البطالة المرتفعة في البلاد.. وتقول:

“الصناعة الوطنية لا تقتصر على توفير وظائف في المصانع فحسب، بل تخلق سلسلة من فرص العمل غير المباشرة في قطاعات النقل، والتسويق، والخدمات المساندة.”..

وترى أن استثمار ليبيا في الصناعات التحويلية، المرتبطة بالزراعة والتعدين، يمكن أن يكون خطوة أولى نحو تحقيق هذا الهدف..

 تعزيز الاستقرار الاقتصادي

يُشير الدكتور “أحمد العبيدي”، أستاذ السياسات الاقتصادية، إلى أن الصناعات الوطنية تُسهم في تحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، مضيفًا:

“تنويع مصادر الدخل عبر الصناعة يُقلل من اعتماد الاقتصاد الليبي على النفط كمصدر رئيس للدخل. وهو ما يساعد في تقليل التأثر بتقلبات أسعار النفط العالمية.”..

ويُشدّد على أهمية التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة، مثل الصناعات البتروكيماوية والطاقات المتجددة..

إنتاج ليبي

 تحسين جودة المنتجات المحلية

وترى الدكتورة “هند عاشور”، أستاذة التسويق بجامعة مصراتة، أن دعم الصناعة المحلية، يرفع من مستوى الجودة للمنتجات المحلية عبر المنافسة..وتقول:-

“وجود صناعات وطنية قوية، يدفع المصنّعين لتحسين الجودة وخفض الأسعار لتلبية احتياجات المستهلك المحلي، خاصة إذا كانت مدعومة بسياسات حكومية تشجع الابتكار والجودة.”..

وتقترح تنظيم جوائز ومعارض سنوية لدعم المنتجات الوطنية، وإبرازها أمام المستهلكين..

المساهمة في التنمية الإقليمية

يُشير الدكتور “سالم الدرسي”، أستاذ الجغرافيا الاقتصادية، إلى أن الصناعات الوطنية تُسهم في تحقيق تنمية إقليمية متوازنة. ويوضّح:

“إنشاء مصانع في المدن والمناطق النائية، يساعد في تقليل التفاوت الاقتصادي بين المناطق، ويعزّز التنمية المتوازنة عبر توفير فرص عمل وخدمات في هذه المناطق.”

ويضربُ مثالاً بإمكانية استغلال الموارد الطبيعية مثل الحديد، والجبس، والزيوت النباتية في المناطق التي تتوافر فيها، لتأسيس صناعات محلية..

دور الصناعات الوطنية في الأمن الغذائي

يُشدّد الدكتور “محمد الزايدي”، أستاذ الزراعة الصناعية بجامعة سبها، على أن تطوير الصناعات الغذائية المحلية، يمكن أن يكون الحل الأمثل لتحقيق الأمن الغذائي في ليبيا..ويقول:-

“ليبيا تمتلك إمكانات كبيرة في الزراعة والصيد البحري، لكنها بحاجة إلى صناعات تحويلية لتحويل المواد الخام إلى منتجات جاهزة للسوق المحلي، مثل الألبان والزيوت والأسماك المعلبة.”..

ويطالب بتوفير سياسات حكومية داعمة للمزارعين والصيادين، لتشجيعهم على توريد المواد الخام بأسعار تنافسية..

دعم الاقتصاد القائم على المعرفة

تدعو الدكتورة “رانيا الفيتوري”، أستاذة الهندسة الصناعية، إلى توظيف التقنية الحديثة في الصناعات الوطنية، قائلة:

“الصناعات الوطنية يجب أن تتبنَّى التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة، ما يجعلها قادرة على المنافسة محليًا ودوليًا.”..

وتقترح شراكات مع الجامعات ومراكز البحث العلمي، لتطوير تقنيات محلية وتحقيق الاستدامة الصناعية..

شاهد أيضاً

ابتكار لقاح يعمل على كبح نمو الخلايا السرطانية

  أعلن علماء روس خلال الأيام الماضية، عن تقدّم كبير في ابتكار لقاح جديد، بعمل …