بقلم/ عبدالباري رشيد
في الوقت الذي يتصاعد فيه العدوان على عاصمة كل الليبيين طرابلس, في محاولة يائسة من الطرف المعتدي لإفشال مشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية التي تتمتع بكافة الصلاحيات وتتوفر لها مقومات النجاح, وتطوي صفحات الآلم والمعاناة التي شهدتها المرحلة الانتقالية التي طالت لأكثر من ثمانية اعوام, وزادها تعقيداً عدوان 4 أبريل الذي يستمر حتى هذه اللحظات في التخريب والتدمير وتهجير المواطنين وتحويلهم إلى نازحين وأيضاً في المجازر التي لحقت بالمدنيين وكان آخرها بمنطقة أم الأرانب في جنوب البلاد والسواني في طرابلس وقبلها مجازر أخرى عديدة كشفت في مجملها زيف اداعاءات حماية المدنيين.!!.
في هذا الوقت الذي تشهد فيه ليبيا هذا الوضع المأساوي الذي يؤشر على رغبة منفذي العدوان في إفشال مشروع الدولة الوطنية كما ذكرنا.. يرصد المراقبون المواقف الإيجابية والثابتة لحكومة الوفاق في العمل على كافة المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية من أجل صناعة الحياة وإخراج ليبيا من أزماتها وانجاح الوفاق الوطني الذي تجسد مثلاً من خلال طرح المبادرة السياسية يوم 16/ 6 لتكون بمثابة الخروج من عنق الزجاجة.. أركان الدولة الديمقراطية لا يقتصر على ردع العدوان .. بل يتعدى ذلك إلى طرح البديل عن الدمار والخراب والقتل وغيرها من المفردات التي أفرزتها الحرب على العاصمة فالبديل هو الدولة الوطنية التي تستند على قواعد سياسية اوردتها مبادرة حكومة الوفاق بكافة تفاصيلها والتي تنص مثلاً على التئام ملتقى وطني جامع لكافة القوى التي «تنبذ» الفتنة والاقتتال الداخلي وتطمح إلى السلم الأهلي والاستقرار .. فالملتقى بحسب ما هو وارد في المبادرة لديه مهام عديدة أبرزها صياغة القوانين التي تضمن الاحتكام لصندوق الانتخابات الذي يفرز عادة من ترغب الناس في أن يتولى المهام التشريعية البرلمان وحتى رئاسة الدولة.
وبطبيعة الحال فإن مهمات أخر تقع على عاتق من ينتخبهم الناس في البرلمان مثل إجازة الدستور الدائم الذي صاغته كفاءات قانونية وسياسية من مختلف مناطق ليبيا فيما عرف في حينه بلجنة الستين والذي يؤسس لهوية الدولة وشكلها وقوانينها السيادية وعلاقاتها الخارجية وغير ذلك من الترتيبات التي تتضمنها عادة الدساتير الوطنية , وكما أشرنا فإن حكومة الوفاق التي عملت على المسارات كافة أولت الجانب الاقتصادي أهمية خاصة وتركزت مخططاتها وبرامجها في الصعيدين الداخلي والخارجي على تقوية الروابط الاقتصادية مع العديد من الدول المتطورة صناعياً وتقنياً من أجل الاستثمار في البلاد بمجالات الطاقة والغاز والبنية التحتية.. فلم تترك حكومة الوفاق منبراً دولياً إلا وطرحت فيه رغبتها في الاستثمار المشترك.
فمثلا وعلى هامش الانعقاد العادي للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي حرص رئيس المجلس الرئاسي على لقاء رؤساء المؤسسات الكبرى العاملة في مجالات النفط والغاز في أمريكا ونفس الشيء فعله حين شارك في ملتقيات ومنتديات تعقد عادة على هامش الأمم المتحدة.. مثل منتدى «كونكورديا» الذي ضم قادة وسياسيين من مختلف مناطق العالم, وملتقى جامعة «جونز هوبكنز» وطرح أمامهم الملف الليبي من مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والعسكرية.. وذكر بأن حكومة الوفاق مشغولة بالمستقبل وتخطط للمرحلة المقبلة.. وبأن مهمتها حسب الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات يوم 17 . 12/ 2015 م وضع أسس الدولة المدنية وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية مؤكداً بأن العملية السياسية بصورة عامة تحتاج رلى أناس يحترمون وعودهم ويؤمنون بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في إشارة رلى عدم التزام بعض الاطراف بالاستحقاقات الناجمة عن الاتفاق السياسي الذي تولت بموجبه حكومة الوفاق السلطة في مارس 2016 م الأمر الذي أدخل البلاد في «دوامة» انعكست على مؤسسات الدولة السياسية وعلى معيشة المواطن, وحول المؤتمرات التي عقدت في عدد من العواصم الأوروبية والمدن .. مثل مؤتمري «باريس .. وباليرمو» ذكر بأن الوفاق التزمت بمخرجات المؤتمرين, بينما تنصل الطرف الآخر منها, وبأنها اعتمدت مسارات سياسية واقتصادية وأمنية وفي ذات الوقت حشدت القوات لمواجهة الإرهاب والعدوان .. وطرح بعض الارقام في المجال الاقتصادي حيث ذكر بأن معدلات إنتاج النفط ارتفعت من 150 ألف برميل عند وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس في مارس 2016 م إلى مليون و250 ألف برميل حالياً ونفس الشيء فعله رئيس حكومة الوفاق خلال الأيام القليلة الماضية عند مشاركته في منتدى .. الدوحة الذي يعتبر منصة عالمية للحوار تجمع رؤساء وقادة الرأي وصناع السياسات حول العالم لطرح حلول مبتكرة قابلة للتطبيق للعديد من القضايا .. فقد استقبل على هامش المنتدى المذكور يوم 14 ديسمبر الجاري رئيس مجلس إدارة شركة «توتال» الفرنسية للنفط والغاز وتناول الحديث مشروعات الشركة في ليبيا وخططها لتطوير الانتاج .. وطالب بالالتزام بدعم برامج التنمية المستدامة بالمناطق المتاخمة للعمليات النفطية بالتنسيق مع المؤسسة الوطنية للنفط.
تلك كانت نماذج فقط لمجهودات ومسارات حكومة الوفاق خلال الاعوام الأربعة والتي تدل وبحسب المراقبين على رغبة صادقة في صناعة الحياة .. وتحقيق طموحات الليبيين في قيام دولة المؤسسات والتنمية الاقتصادية الشاملة بعكس ما يسعى إليه من يصعدون العدوان هذه الأيام على العاصمة الكبرى وينشرون الموت والدمار والخراب وتهجير الناس !!