منصة الصباح

بين الطموحات والــــواقع

تواصــــل

بقلم / محمد الفيتوري

هاهي الأحلام تتساقط والآمال تتلاشى بعد أن أطل البؤس والشقاء برأسه على شتى مناحي الحياة في وطننا الجريح على الرغم من الإمكانات والثروات التي أنعم بها الله عز وجل والتي نُحسد عليها من دول الجوار ،  وغير الجوار بينما ملايين من الشعب يعاني الفقر والعوز.

بلا شك معادلة لاتستقيم ولا يقبلها العقل!! فدولة في حجم وموقع وإمكانيات ليبيا يعاني شعبها القليل في العدد من مثل هكذا ظروف معيشية قاسية جعلت الكثيرين يفكرون في الهجرة بحثاً عن حياة أفضل وواقع أكثر انسانية.. أليس غريباً أن يفكر «الليبي» في أن يهاجر ويترك وطنه تحت هذه الطائلة من الظروف بل ويقبل العمل بالاجرة عند الآخرين بعيداً عن وطنه وأهله وأقاربه متحملاً نزق أرباب العمل وجورهم وظلمهم في بلاد الغربة.. رغم من أن بلاده تزخر بالثروات التي تجعلها محمل أطماع القاصي والداني أي بمعنى لو سخرت هذه الثروات في التنمية والبناء بما كان لهكذا ظروف أن تلقي بظلالها على الواقع المعاش.. فماذا لو انتصرت النوايا الطيبة والصادقة لتغير الحال برمته ولأصبحت ليبيا جنة فوق الارض لكن الاحقاد والضغائن والحسد يبدوا أنها فعلت فعلها وعرقلت كافة مسارات الحياة.

كنا لوقت قريب نثوق لأبراج دبي ونطمح للحياة الفارهة وهذا حق مشروع لنا وأصبحنا نبحث الآن عن الأمن والأمان وعن الخبز اليومي الذي نحصل عليه بمعاناة بالغة.. صرنا نتحسس جيوبنا الخاوية بفعل نقص السيولة في المصارف خوفاً من الافلاس الذي فرض علينا واستمر معنا لسنوات وليس لأشهر!!.

فكيف تستقيم المعادلة لوطن ثري وشعب فقير عملة بلاده تتهاوى وتتلاشى أمام عملات دول أخرى هي بكل المقاييس فقيرة ومعدمة وتتلقى في المعونات الدولية لأسباب ترجع لجشع بعض التجار والسماسرة الذين غلبوا مصالحهم الذاتية على مصالح وطن بأكمله كيف السبيل إذن لاصلاح ما يمكن اصلاحه وانقاذ ما يمكن انقاذه من وطن لايستحق كل هذه المعاناة والتي فرضت عليه بتواطؤ فاضح من قبل المجتمع الدولي ومنظماته التي تعرف جيداً أنها كانت من الاسباب الرئيسة التي أوصلت ليبيا إلى ما وصلت إليه الآن من معاناة ومآسي ما كانت لتكون لولا تركها والتخلي عنها..

نعم البون شاسع بين ما نطمح إليه وبين ما هو معاش رغم الفاتورة الصادمة التي تكبدها الشعب الليبي ولايزال يدفعها حتى اللحظة.. فأين توارت الاحلام والأماني والتطلعات.. لا محالة أنها سرقت من قبل الحذاق والطامعين في ثروات ليبيا عندما أوجدوا الفرصة والظروف الملائمة لذلك وبمباركة العديد من الدول التي ترى في ليبيا «كعكة» لاينبغي تركها قبل النيل منها دون أي اعتبار لليبيين وتضحياتهم لأنهم لم يكونوا في يوم من الايام على قائمة اهتماماتهم رغم ما تظهره هذه الدول من حرص زائف على مصالحهم ومع هذا لا نزال نتطلع للوصول إلى الضوء الذي هو في نهاية النفق لكي ننقذ الوطن من براثن الوحوش الجائعة التي تنهش جسده العليل فليبيا لاتستحق هذا الكم الهائل من المآسي وشعبها الذي يتصف بالبساطة والطيبة لايستحق أن يكون لقمة سائغة في أفواه الجياع للمال الليبي والدم الليبي.

لذلك لابد من استفاقة تعيد الحسابات وتصحح المسارات وتضع حداً لسنياريوهات مرعبة ينتظهرها المشهد الليبي.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …