منصة الصباح

أبغض الحلال.. تأثيرات الطلاق على الأطفال والأسرة والمجتمع

استطلاع : مروة الشامس

تماسك النسيج الأسري في المجتمع دائما ما يبدأ من الأسرة، فإن كان أساس الأسرة مبني على مبادئ التفاهم والانسجام الاجتماعي والثقافي فبذلك ستكون الأسرة أساسا لبناء مجتمع واع مثقف.

وبالنظر إلى أن الظروف الاجتماعية قد تؤثر على حياة الأسرة وتتحكم في سبل استقرارها، وذلك يؤدي بالضرورة إلى حصول العديد من المشاكل، ولعل أهمها الطلاق، والذي يعتبر في بعض الأحيان حلا من الحلول، وإن كان أبغضها عند الله سبحانه وتعالى، وعلى هذا الأساس أردنا في استطلاع هذا العدد سبر آراء البعض لمعرفة مدى تأثير أبغض الحلال على بناء واستقرار المجتمع.

توجهنا إلى مجمع المحاكم بشارع السيدي بطرابلس لرصد بعض الآراء في هذا الشأن من أصحاب القضايا المرفوعة أمام المحاكم حيث توجهنا إليهم بحزمة من الأسئلة التي تتمحور حول تأثير فارق السن الكبير بين الزوجين على استقرار العلاقة الأسرية، والأضرار التي تلحق بالزوجة والأطفال بعد الطلاق، وأثر الفروقات الاجتماعية، وهل هي سبب مقنع للانفصال، إلى جانب مساوئ انهماك الزوج طول النهار في العمل وتغيبه المستمر في اهتزاز العلاقة الزوجية، والعوامل الأكثر تأثيرا في فشل العلاقات الزوجية.

آراء علم النفس

 الدكتور محمد محمد

يؤثر الطلاق بشكل سلبي على الطفل خاصة في سن الطفولة المبكرة من وقت الولادة حتى سن الثالثة..لأن هذه الفترة تشكل مرحلة التطور والنمو النفسي له بحيث يبدأ الطفل فيه اكتشاف عالمه وتكوين العلاقات مع أبويه وأشقائه، لذا عند حدوث الطلاق يمكن أن يعاني الطفل من مشاكل في النوم أو الأحلام السيئة أو الغضب والبكاء بشكل أكبر من الوضع الاعتيادي، أما في سن الثالثة حتى الخامسة فقد يشعر بالذنب، وشعوره بالمسؤولية عن حصول الفرقة بين الأبوين ويمكن أن تظهر عليه بعض السلوكيات الخاصة بالرضاعة مثل، مص الإبهام، وقد يشعر أيضا بالإحراج والحزن، كما يمكن أن يشتكي من آلام المعدة وحصول بعض المشكلات في النوم ورفض استخدام الحمام.

انعدام ثقة الطفل

 الدكتور خالد

يهدد وقوع الطلاق بانعدام ثقة الطفل بوالديه لأنه بات يعتقد أنهما يتصرفان بطريقة لايمكن الوثوق بها، بالإضافة لشعوره بتقسيم الأسرة لقسمين مختلفين مع ضرورة البقاء فترة في كل قسم مما يؤدي لإحساسه بانعدام الأمان والاستقرار، وقد تدور الأسئلة التي تؤكد على هذه الأحاسيس داخل عقل الطفل مثل « ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ » أو « من سيهتم بي؟ » وقد يقوم الطفل ببعض السلوكيات غير الإرادية ليلفت انتباه الوالدين واهتمامهما مثل .. البكاء وقت النوم.

ردود فعل الأطفال

 الدكتور عبد المنعم

نجد ردود فعل الطفل خلال العام الأول من الطلاق إذ تعد السنة الأولى بعد الطلاق هي الأصعب على الإطلاق، فقد يعاني فيها الأطفال من حصول بعض الاضطرابات النفسية – مثل .. الشعور بالضيق، والقلق، وعدم تصديق ما يحصل * في العائلة، ولكنهم غالبأ ومع الوقت قد يعتاد بعضهم على التغييرات التي ستصاحب حياتهم لاحقا، في حين أن البعض الآخر لايعودون لطبيعتهم أبدأ، وقد ينتج ذلك لديهم اضطرابا عاطفيا بشكل مربك، فقد يخاف بعضهم من أن يفقد حب أمه وأبيه كما انتهى حبهما لبعضهما البعض، وقد يصبح المراهقون منهم غاضبين بشدة من التغييرات والاضطرابات التي طرأت على حياتهم بصورة مفاجئة كواقع لأضرار ونتائج الطلاق.

 آراء وانطباعات

 السيد محمد النويجي

الطلاق ليس مرتبطا بعوامل ثابتة، فكل الأسئلة التي قمت بطرحها قد تكون سببا في ذلك، وقد يختلف بعض الناس حول هذه العوامل التي تؤدي إلى الطلاق، لذلك ستتعدد الأسباب وسيبقى الطلاق هو النتيجة النهائية لها .

فروقات عمرية وهنا تدخلت أحدى المتضررات من الزواج ممن هو أكبر منهن سنة حيث أفادتنا السيدة زينب بأنها تزوجت من شخص يكبرها بفارق 20 عاما: الأمر الذي شكل فارقا كبيرا في قابلية الانسجام الفكري والثقافي بيننا رغم أن الله رزقنا بطفلين، ولكن لم يساعد هذا على حل المشاكل التي بيننا، ومع مرور الوقت أصبحت الحياة بيننا صعبة، وهنا كان لابديل عن الطلاق، فلجأت إلى المحكمة لأخذ حقوقي المادية والمعنوية وذلك لرفضه مبدأ الطلاق من الأساس.

الظروف المادية صعبة

ومن خلال جولتنا داخل أروقة مجمع المحاكم التقينا بالأستاذ خالد الجراي الذي طرحنا عليه سؤالا حول تأثير بخل الزوج على عديد العلاقات الزوجية التي انتهت بالطلاق جراء ذلك فأفادنا قائلا:

هذه الأسباب ليست مقياسا ثابتا، فالمرأة أحيانا تتهم الرجل بالبخل لأنه لم يلبي طلباتها المادية وهذا ليس تقصيرا منه ولكن الظروف المادية الصعبة هي التي قد تساهم في ذلك، فقوانين العمل في ليبيا، حسب قوله، صعبة من حيث المرتبات لذلك زادت هذه المشاكل وكانت سببا في العديد من حالات الطلاق، فالكل يرمى الاتهام على الآخر.. فلماذا نقول أن الزوج بخيل ولا نقول أن الزوجة طماعة بشكل مبالغ فيه؟

انشغال الزوج

وفي ذات السياق ونفس الأسئلة التقينا بالأخت (حميدة فرج) التي أكدت لنا على أن الطلاق أحيانا يؤدي إلى مشاكل كثيرة قد لايحتمل عقباها سواء على الزوجين أو الأبناء.

ومن خلال استشهادها بتجربتها الشخصية في هذا الخصوص قالت (حميدة) أن سبب طلاقها يعود إلى عدم إعطاء الزوج بعض الوقت لبيته وأطفاله للاهتمام بهم مما جعل الحياة صعبة في ظل تجاهل رب الأسرة لمتطلبات بيته

عادات وتقاليد بالية

كما التقينا بالأخت (نجاة البلايلي) التي توجهنا إليها بأسئلتنا فقالت:

أسباب الطلاق تعود أحيانا إلى الفوارق الاجتماعية بين الأزواج، وبالأخص من الناحية العلمية، فأنا متحصلة على درجة الدكتوراه في مجال القانون في حين هو لم يكمل تحصيله العلمي واكتفى بإحدى الشهادات الإدارية من احد المعاهد الخاصة المتوسطة، وهذا كان سببا في العديد من المشاكل. ففي البداية لم يتفهم طبيعة عملي، وكانت هناك مشكلة كبيرة في الانسجام الفكري والثقافي بيننا، إضافة إلى نشأته في بيئة متزمتة متمسكة بالعادات والتقاليد البالية التي لم تعد تتوافق مع طبيعة الزمن الذي نعيشه، لذلك وجدت أن الطلاق هو الحل الوحيد الذي يعيد لي حقوقي ويعيد لي کرامتي

خاتمة

وهنا يتضح لنا أن الأسباب عديدة والكل يلق باللائمة على الآخر وبين هذا وذاك تتخلخل أساسات الأسرة وتضيع في خبر كان وتكون الضحية، أولا وأخيرا، هم الأطفال .

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …