منصة الصباح

ملامح الموجة الثانية في لبنان والعراق

بقلم / محمد دعفوس

الخريطة العربية من الشرق والغرب التي تنبأت للثورات التي اجتاحت العالم العربي هي من مختبر الواقع المؤلم، تخلف واستعمار وتفرق كلها عوامل جذبت المواطن العربي للتمرد على الحكومات والحكام بمختلف الأشكال ويؤكد المؤرخون العرب في كتابتهم في السرد التاريخي لمراحل الثورات في مجموعة الكتب والموسوعات المنشورة .

لكن المشكلة تكمن في الأجيال الجديدة التي لم تقرأ جيداً تاريخ هذه الأمة والأسباب كثيرة وجميعها معروفة مسبقاً ،ولذا ولدت ثورات جديدة ،من أين جاءت وكيف ولماذا؟.

وسوف تكون الأسئلة المشروعة التي تلتقي مع واقع مؤلم ومأساوي حتى اتهمنا بالتقصير والبلادة وضعف الروح الوطنية وضعف الرغبة في الانسلاخ من الماضي وقد ازدهرت منذ القرن التاسع عشر والقرن الماضي مصطلحات كثيرة حول مجموعة من المصطلحات ذات الطابع السياسي ومنها الثورة ، ، الحرية ، العدالة ….. الخ.

فمثلا في لبنان خرج الشباب والعمال والموظفون وكل المواطنين من كل تلك الطوائف التي حكمت لبنان واشتهرت بقفل الشوارع .. وخروج طلبة المعاهد والجامعات والثانويات مسلمين ومسيحيين شيعة وسنة ودروز وطوائف أخرى في لبنان وخارج لبنان’ وفي لبنان المسألة المالية ذات أولوية بالغة، فورائها يختفي الفساد والبلاء والهلاك ومقابل ذلك مهرجانات شعبية نهارية وليلية في طرابلس التي قدمت الشبان الخمسة واجتمع حولهم عشرون آخرون ومن بعد مائة متظاهر بعد أقل من ساعتين أصبح عشرات الآلاف في الشارع يقول اللبناني .. (كلن يعني كلن) .. حطمنا حاجز الخوف لا حكومة ، لا برلمان ، لا رئيس لا حصانات إما نحن وإما هم .. لا ثالث لنا ..

يدرك اللبنانيون أن 40 ٪ بطالة وديون تفوق 100٪ مليار دولار وفساد لا مثيل له .

وفق هذه الشعارات والعبارات والانتفاضات هل ستنجح الثورة في البلد الطائفي ..؟

ربما تخترق كل هذا الصعب، فالشباب مؤمنون بقضية لبنان الجديد الجيش والشرطة.

حزب الله يتوعد وحزب الرئيس يدير الحلول من وراء الوزير باسيل وحلفائهم وتقف إيران وراء كل فشل ممكن، يحدث  كل ذلك ولا أحد من العرب يقدم الدعم للشعب اللبناني .. والبنك الدولي ينذر لبنان بالإفلاس ..

ماذا يفعل اللبنانيون .. ؟

هل يستسلموا أم يعبروا بنجاح؟ .. !

أم تقف القوى المعادية أمام مستقبل لبنان .. !؟

أسئلة ،الإجابة عليها في الأيام القادمة وأول الإجابات تختفي وراء حكومة تكنوقراط منفردة ورفض حكومة تكنوقراط سياسية لإسقاط البشوات العتيدة في لبنان .. أبرزته التظاهرات المليونية في في بيروت وطرابلس والجنوب اللبناني كله .

أما في العراق .. فالأمر يختلف عما هو في الجزائر ولبنان ويتوافق مع لبنان في كون العراق طائفي وإن في العراق تقف إيران لمنع أي نجاح يحققه المتظاهرون في العراق المشهد التظاهري يشل الحركة الحكومية وينتشر العنف .. ومصادره الخفية والعلنية وعدد الإصابات وحالات القتل يدل على أيد سوداء خفية تتحكم في المشهد وحتى الأسابيع الماضية بلغ عدد القتلى أكثر من  300  قتيل وعدد من المعتقلين وعدد من المخطوفين وعدد يزيد على  15000  جريح وخسائر بلغت في الميناء الجنوبي ما يفوق 7 مليارات دولار.

في العراق منذ 2003م وحتى منتصف نوفمبر 2019م اختفاء أكثر من 400 مليار دولار .

وعدد النازحين يفوق 5 مليون نازح بين الداخل والخارج والفقر والبطالة تشكل 80٪ من مطالب المواطن العربي .. والمطالبة بإلغاء الطائفية والهيمنة الإيرانية على القرار الوطني وتدخل في الشأن الداخلي وإيقاف الولاءات لإيران والهتفات أثبتت نداءات المواطن العربي  (العراق حرة حرة وإيران تطلع بره) .

العراق هو أحد أكبر مصدري النفط في العالم ويمتلك احتياطي كبير ضمن الدول الأولى في الاحتياطي وتصدر الآن  4  مليون برميل ويزيد .

تعتبر الخدمات العامة ضمن أقل اهمامات الحكومات السابقة ويطلب المتظاهرون محاكمة الحيتان الكبيرة .. وهذا يتطلب قضاء عادل وإعادة التعديلات في الدستور ويعتبر من أهم المطالب والمطلب الأكثر والأكبر هو إلغاء الهيمنة والسيطرة الإيرانية على صانعي القرار في العراق ..

من أكبر الداعمين للتظاهرات .. مقتدى الصدر ومن خلال التظاهرات تسارع قادة الكتل السياسية والنيابية بتقديم تصريحات تناصر فيها المتظاهرين وتجري في الخفاء مؤامرات من نوع آخر .

الشخصية الوحيدة التي يمكن الإجماع تأييدها للجماهير العراقية هو المرجع الديني السيستاني من خلال دعوته وتصريحاته بدعم مطالب المتظاهرين ترفع الحكومة العراقية من الميزانية 11٪ للديون ومن أهم المطالب الجماعية تتلخص في :

* الانتخابات المبكرة .

* استقالة الحكومة .

* معالجة الدستور .

* تلبية المطالب العاجلة من الخدمات كلها ومن أهمها .. المياه والتعينات والكهرباء والمساعدات المالية للفئات المحتاجة والفقيرة.

* معالجة قضايا النازحين والمهجرين داخلياً في العراق كل يوم تتكشف أسرار كثيرة عن الاعتقالات والخطف وإطلاق النار والأسلحة والقنابل المستعملة والطرف الثالث غير المرئي الذي يتهمه كل الأطراف ..

إلى أين يتجه العراق ..؟

هل ستنفرج أزمة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة ودراسة الدستور ..

أم تتحكم الطائفية وإيران في المشهد العراقي رغم التظاهرات السلمية والمطالب المشروعة؟ ..

العراق عبر كل التاريخ دائماً يأتي من وراء الضباب والسحاب ؟من يقود دفة السفينة إلى شاطئ الأمان؟ ..

من هو هذا القادم ومن أين سيأتي وماذا يفعل بالعراق العراق ترمومتر الخليج؟ .. هل سيأتي الحل وكيف ومتى .. ! وهل هذا يمكن أو يتوقع نتيجة التحالفات الوطنية والاقتناعات المذهبية أو التسيير الذي يمر ببطء سينجح العملية الديمقراطية في العراق؟ ..

كل الشواهد تقول رغم الآلام والمآسي والقساوة فإن العراق أقرب لإيجاد الحلول من غيره رغم المخالفين والمانعين  والمتشائمين ..وهكذا التاريخ العربي الجديد قد يبدأ من دجلة والفرات وقد ينتهي هناك وهذا ما لانتمناه لعراقنا العزيز ..

 

 

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …