منصة الصباح

الأَفْرَاحُ اللِّيبِّيَُّة َبيْنَ التَّبَاهِّي وَاْنتَِّهاكِّ الخُصُوصِّيَّةِّ

باختصار

د.علي عاشور

تعتبر الأفراح الليبية مناسبات للفرح والسعادة التي تجمع الأهل  بالجيران واألصدقاء، فتلتقي القلوب وتتآلف األرواح في أجواء مفعمة بالبهجة، بما يعزز الترابط والتأزر االجتماعي بين أبناء العمومة والجيران، في ظل عادات وتقاليد شعبية تتباين من مدينة
ليبية إلى أخرى.

ولكن في السنوات األخيرة بدأت تنتشر بعض السلوكيات غير الالئقة والتي تتجاوز حدود الذوق العام، ما يثير استياء الضيوف ويعكر صفو المناسبة، وإن بشكل غير ظاهر،من بين تلك السلوكيات المزعجة التي باتت تشكل ظاهرة تؤرق الكثيرين في األفراح، عملية التصوير الدقيق للضيوف أثناء تناولهم الطعام، والصراخ والصخب المبالغ فيه،
والقيادة المتهورة في مواكب السيارات، وإزعاج الأحياء السكنية باأللعاب النارية.

حيث أصبح من الشائع في أفراحنا أن يقوم أهل العرس بتكليف مصور محترف لتوثيق الحدث بالكامل، حتى أنه ال يتوانى عن تصوير الضيوف وهم يتناولون الطعام، الأمرالذي يتجاوز حدود اللباقة واحترام الخصوصية، فبداال منالاكتفاء  بتسجيل اللحظات السعيدة العامة، يجد الضيوفأنفسهم محاصرين بعدسات الكاميرات في لحظات من المفترض أن تكون خاصة، واألنكى من ذلك أن بعضهم ال يعلمون بأنه قد تم تصويرهم إالا بعد أن يشاهدوا صورهم على مواقع
التواصل االجتماعي أو يخبرهم بذلك أشخاص آخرين، هذا التصرف يعتبره الكثيرين -خاصة كبار السن والشخصيات العامة- تأكيد على عدم احترام المضيف للضيوف، كما يعد تعدايا على خصوصيتهم، إذ يفترض أن يكون التعبير عن الفرح بالمشاركة الوجدانية، وليس باستعراض مشاهد تزعج الآخرين وتسبب لهم الحرج.

وفي تقليد يسمى “زفة العريس”، يقوم أصدقاؤه وأقاربه بجلبه وسط أجواء من الصخب والأصوات المرتفعة، معتقدين أن الضجيج والفوضى هما أفضل وسيلة للتعبير عن فرحتهم بزفافه، كأنهم ال يعلمون أن هذا السلوك يعكس الفرح بقدر ما يشوه أجواء المناسبة، حيث تتسبب الأصوات العالية في إزعاج السكان القريبين وتوتر األجواء، خصوصاافي المناطق الريفية التي تتسم بالهدوء، ناهيك عن قيام بعض الشباب -في هذه المناسبات- بقيادة السيارات بسرعات
جنونية ضمن موكب العريس، في مشهد يعكس خطورة كبيرة على حياتهم وحياة كل من يستخدم الطريق، وليس هذا فحسب، بل ويقوم البعض منهم بإطالق الألعاب النارية على طول مسار الطريق في منتصف الليل، في محاولة إلضفاء طابع احتفالي على الزفة، كأنهم ال يدركون أن هذه الألعاب النارية تشكل مصدر إزعاج يسبب اللرق لألطفال وكبار السن، وتعد انتهاكاا واضحاا لراحة السكان وحقهم في الهدوء، ففي مجتمع يسعى إلى إحياء قيم الاحترام المتبادل، ألسنا
قادرين على أن نحتفل دون التسبب في إزعاج اآلخرين
وإيذائهم؟.

أما مظاهر التباهي في هذه المناسبات فقد تجاوزت الحدود بشكل ملحوظ، حيث يقوم بعض الشباب -في هذه المناسبات- بقيادة السيارات بسرعات جنونية ضمن موكب العريس، في مشهد يعكس خطورة كبيرة على حياتهم وحياة كل من يستخدم الطريق، وليس هذا فحسب، بل ويقوم البعض منهم بإطالق األلعاب النارية على طول
مسار الطريق في منتصف الليل، في محاولة إلضفاء طابع احتفالي على الزفة، كأنهم ال يدركون أن هذه الألعاب النارية تشكل مصدر إزعاج يسبب الرق لألطفال وكبار السن، وتعد انتهاكاا واضحاا لراحة السكان وحقهم في الهدوء، ففي مجتمع يسعى إلى إحياء قيم االحترام المتبادل، ألسنا قادرين على أن نحتفل دون التسبب في إزعاج الآخرين وإيذائهم؟.

أما مظاهر التباهي في هذه المناسبات فقد تجاوزت الحدود بشكل ملحوظ، حيث يقوم بعض الشباب باستئجار سيارات فاخرة بمبالغ طائلة لمجرد التباهي بها في موكب العريس.. حيث يعكس هذا التصرف نوعاا منالإسراف غير الضروري، والذي سيحاسب عليه اإلنسان أمام هللا، إذ يدفع البعض مبالغ طائلة مقابل استعراض قصير يدوم لدقائق معدودة، في سبيل ترك انطباع ال يضيف شيئاا حقيقياالقيمة المناسبة أو لمعنى الفرح.إن هذه الظواهر السلبية في مناسباتنا االجتماعية ليست مجرد تصرفات عابرة، بل هي مشكالت سلوكية تتطلب وعياا جماعياا لتغييرها، بل وتتطلب دراسات علمية لمعرفة أسبابها وطرق معالجتها، فنحن بحاجة ماسة إلى تعزيز
ثقافة احترام الذوق العام وخصوصية اآلخرين، وفهم أن الفرح الحقيقي يكمن في إسعاد الناس وإدخال السرور إلى قلوبهم، وليس في إزعاجهم أو التقليل من راحتهم أو انتهاك خصوصياتهم بنشر صورهم يأكلون في مواقع التواصل الاجتماعي.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …