منصة الصباح

شوارع طرابلس: عمر مسروق ، لماذا لا نسمي ” هدر الوقت ” فسادا ؟ 

تقرير / طارق بريدعة 

تصوير / حسن المجدوب 

 

” الازدحام يبدأ صباحا ولا ينتهي مساء “

تستيقظ  كل يوم شوارع العاصمة طرابلس والمدن المجاورة مع ساعات الصباح الأولى على حركة مرورية نشطة، جيئة وذهابا وفي كل الاتجاهات ومن كل مداخل المدينة ومخارجها ، ازدحام مروري خانق لا يمكن معه الا ان تكره الصباح والخروج من البيت. 

” شوارع طرابلس : حرب يومية ” 

تقول سارة عبد الجواد : ” زي من ايدور في كسبرة ” : اعمل موظفة في شركة الاتصالات واحتاج ان اكون على مكتبي الثامنة والنصف على أقل تقدير، يبدأ نهاري بإيصال بناتي الى المدرسة، التي تبعد عن مكاني سكني خمسة عشر كيلو ، ولك أن تتخيل معاناتي في الطريق انها حرب يومية :  ” سباق مع الزمن وامزجة الذين يشاركونني الطريق ورعب عدم الالتزام بالقواعد المرورية ” 

” احتاج طبيب نفسي ” 

تضيف مديحة السوقي : ” أعول عائلتي ولدي مشروع صغير ، اصنع الحلويات في البيت ورغم أن المعمل بيتي لكني مضطرة للخروج لشراء لوازم العمل بشكل يومي ، يضيع أكثر من نصف نهاري في اللهث بين مكان وآخر ، اعود منهكة منهارة لكن لا مفر يجب ان اعمل ، في مرات كثيرة اشعر اني : ” اود التوقف والبكاء الشديد واحيانا الصراخ ” الطريق المتوقف لأكثر من ساعة في أحيان كثيرة يشعرني ان خلايا مخي تتحطم ، احدث نفسي دائما بأني أحتاج طبيب نفسي 

2.3  مليون تلميذ ” 

 تشكل عودة المدارس لعملها شتاءً منعطفا جديدا لمزيد من الازدحام المروري ، ووفقا لبيانات وزارة التعليم فإن أكثر من 2 مليون تلميذ مسجلين لدى الوزارة لعام 2024 ويتركز عدد كبير منهم في مدينة طرابلس ، وبنية تحتية لا تحتمل كل هذا العدد تزداد المدينة اختناقا كل دقيقة كوصف اقرب الى الدقة.

” سيارتي مكتبي ” 

يقول مهند بن طالب : يمكنني ان اصف حياتي في كلمتين ” سيارتي مكتبي ” اقوم صباحا بايصال ابنائي الى المدرسة ، ولا مفر من وقت الزحمة ، لأنه لا ” وقت للذروة ” في طرابلس ، كل الأوقات الطريق مكتظة بالسيارات والناس واظن انهم مثلي ” هائمون ” الازدحام يقتل ارواحنا ويسرق اعمارنا 

وسأكون صريحا أكثر : ” استخدم هاتفي للتواصل مع بعض زملائي في العمل وأتابع عملي بالهاتف ايضا وانا في الطريق ، حرفيا : ” شوارع طرابلس مكتبي ” ، في بيتي الجميل الذي رسمت كل زواياه وزينتها بتفاصيلي الخاصة لا أقضي فيه الا ” ساعات النوم ” بعد يوم مرهق 

“4،7 مليون مركبة تسير على الطرقات في ليبيا “

وبدون ارقام او احصائيات الزحام المتفاقم أحد أسبابه استيراد كميات كبيرة من السيارات شهرياً، دون توسيع ملائم للبنية التحتية. ورغم جهود مديرية أمن طرابلس لاستطلاع آراء المواطنين حول الحلول، لم تتخذ خطوات عملية بعد. واقترح المواطنون حلولاً تشمل إصلاح الطرق، إنشاء مواقف متعددة الأدوار، توفير وسائل نقل عام، وتعزيز الوعي بقوانين المرور.

يقول اللواء عبدالناصر اللافي لمنصة الصباح  : ” ثمة نظام ترقيم خاص بالبلديات والمناطق في ليبيا، وقد وصل إلى الرقم 62 ليشمل جميع المناطق الغربية والشرقية والجنوبية ” 

 ووفقاً للمعلومات الصادرة عن أقسام المرور الليبية، يوجد حوالي  ” 4.7 مليون  ” مركبة خاصة تسير على الطرق الليبية، منها حوالي”  2.3 مليون ”  مركبة في العاصمة طرابلس وحدها  بالإضافة إلى 800 ألف سيارة للنقل العام، و150 ألف مقطورة، و160 ألف رأس جر، و100 ألف من الآلات الثقيلة بمختلف أنواعها، وحوالي 10 آلاف دراجة نارية، و120 سيارة أجرة.

“5.5 سيارة في ليبيا بحلول عام 2031 “

وكشفت  منظمات مختصة بأسواق السيارات نشرته مواقع الكترونية :  ” بأن سوق السيارات في ليبيا يُتوقع أن ينمو بمعدل سنوي يبلغ 6.1% خلال الفترة من 2021 إلى 2031، ليصل حجم المبيعات إلى أكثر من 5.5 مليون سيارة بحلول عام 2031.

وأوضحت المنظمة في تقريرها : ”  أن السوق الليبي يسيطر عليه بشكل كبير السيارات المستعملة المستوردة من كوريا الجنوبية وأوروبا والصين والولايات المتحدة، لافتة إلى أن نقل الركاب والبضائع محليا يعتمد بشكل أساسي على المركبات البرية مثل السيارات والشاحنات، بدرجة أقل الحافلات” 

قسم تراخيص المركبات الآلية في طرابلس ذكر : ” أن عدد المركبات المسجلة في ليبيا عام 2019، والتي تشمل السيارات الخاصة، مركبات النقل، الشاحنات، الجرارات، المقطورات، رؤوس الجر والدراجات النارية، بلغ 185,379 مركبة ” ، وذلك وفق تقريره السنوي للأعمال المنجزة.

وبخصوص إحصائيات رخص القيادة السنوية، أفاد القسم بأن عدد الرخص الممنوحة في العام ذاته بلغ 2,021 رخصة، منها 1,848 رخصة درجة أولى، و7 رخص لدراجات نارية، و168 رخصة درجة ثانية.

” محاولات خجولة ” 

منذ عام 2022 أصدرت حكومة الوحدة الوطنية قرارات بشأن إنشاء مواقف للسيارات :  القرار رقم 520 لسنة 2022، يقضي بتخصيص عدد من مواقف السيارات في مدينة طرابلس لصالح شركة تطوير مواقف السيارات ذات المسؤولية المحدودة، بغرض استثمارها وإدارتها كمواقف متعددة الطوابق.

وتضمن القرار تخصيص مواقف في مواقع حيوية مثل شارع عمر المختار وشارع البلدية وميدان الشهداء ومنطقة الظهرة، إدارتها وتشغيلها سيكون وفق مخططات كروكية مرفقة.

ويشمل القرار أيضًا تكليف مصلحة التخطيط العمراني بتعديل تصنيف هذه المواقف، إلى جانب دور لمصلحة أملاك الدولة وصندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي والصندوق الليبي للاستثمار الداخلي والتنمية، لتسهيل الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار.

حدد القرار أماكن المواقف  ” شارع عمر المختار –  شارع البلدية –  ميدان الشهداء – منطقة الظهرة –  شارع الرشيد . شارع المعري – شارع الجمهورية ” 

وبحسب بلدية طرابلس أكد المهندس توفيق عبية  :  ” يوجد  28 موقفا خاص بسيارات داخل العاصمة طرابلس تكون غالبا مساحات مزودة بأسطح دائمة. ومواقف السيارات من سمات معظم المدن التي تُعد السيارات فيها من وسائل النقل، وخصوصا في مراكز التسوق والملاعب الرياضية، وأماكن أخرى غالبا ما تتميز بمواقف سيارات ذات مساحات هائلة.

 التنقل في شوارع العاصمة ” يبي جهد ”  

المهندسة سلوى مصطفى الموظفة بمكتب التخطيط العام بوزارة الإسكان تقول : العاصمة طرابلس والمدن المجاورة تعرف يوميا ازدحاماً مرورياً متزايداً مع بزوغ ساعات الصباح، تتكدس السيارات في الطرقات بشكل يعيق الحركة ويحوّل الشوارع إلى ممرات مزدحمة.

 هذا الازدحام مشكلة متجذرة تفاقمت مع مرور الوقت، الموانئ لا تتوقف عن استقبال أعداداً كبيرة من السيارات المستوردة، شهريا ، دون اتخاذ إجراءات لتوسيع البنية التحتية، أو فتح  مسارات جديدة تستوعب هذه الزيادة في المركبات.

الزحمة ” جعلت من التنقل في المدينة تحدياً يومياً لأصحاب السيارات ” يبي جهد ” ، الذين يضطرون للتعامل مع اختناقات مرورية مزعجة تعرقل حركة الجميع ” .

” مديرية أمن طرابلس تسأل والمواطن يرد “

بطريقة الاستفادة من التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي وإشراك المواطن في خلق حل للمشكلة : ” استطلعت مديرية أمن طرابلس عبر صفحتها على فيسبوك  آراء الناس واقتراح حلول عملية

 لاقت المبادرة تفاعلاً كبيراً من المواطنين، الذين قدموا جملة من الاقتراحات لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة

 ” حوار مجتمعي “

تضمنت المقترحات  ” ضرورة إصلاح البنية التحتية للطرق، وبناء مواقف سيارات متعددة الأدوار، وتوفير وسائل نقل عام بأسعار رمزية، وتعزيز الرقابة على إصدار التراخيص بما يلائم احتياجات المدينة “.

 أشار المواطنون إلى تحديات أخرى، قصور في رفع الوعي بقوانين المرور، ونقص الجسور والأنفاق في المناطق الحيوية، وغياب وسائل نقل عامة كافية لتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة.

  اقترح البعض نقل بعض مؤسسات الدولة إلى ضواحي العاصمة، ومنع استيراد السيارات القديمة، وإغلاق المحلات العشوائية، وتوظيف التكنولوجيا لتنظيم حركة المرور وتحديد أوقات العمل والدراسة.

تبقى الكرة في ملعب بلدية طرابلس وأصحاب القرار، والانتباه الى ضرورة وضع هـذه المشكلة على طاولتهم أمر مُلح ، العجلة اخترعت منذ آلاف السنين ولسنا في حاجة الى اختراعها ، فقط الاطلاع على تجارب الدول الأخرى وتسليم هذا الملف لمن يجيد خبزه ، بدل اقتراح رفع الدعم عن الوقود ، البدء فورا في تصميم بنية تحتية للمواصلات العامة اللائقة بكرامة الانسان وادميته 

شاهد أيضاً

مصرف الجمهورية يعلن عن توقف خدماته الإلكترونية مؤقتا

اعلن مصرف الجمهورية عن توقف خدماته الإلكترونية المتمثلة في خدمات الدفع الإلكتروني (POS) وتطبيق الهاتف …