منصة الصباح

في ذكرى حرب 6 أكتوبر 1973م

أحلام محمد الكميشي

كتب المشير “محمد الجمسي” في مذكراته عن حرب أكتوبر 1973م، وكان خلالها رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية ((وإذا كانت الحروب التي دارت بين إسرائيل والعرب تجذب الناس بأحداثها ونتائجها المباشرة، إلا إني كنت أشعر دائما أننا – نحن العرب – لا نتعمق في دراسة جذور الصراع العربي الإسرائيلي، ولا نعطي الأهمية الواجبة لمعرفة ما قامت به الصهيونية العالمية والدول الكبرى من تخطيط وما نفذته من أعمال في جميع المجالات، حتى أقامت دولة إسرائيل على جزء من أرض فلسطين، وما قامت وتقوم به إسرائيل تؤيدها الدول الكبرى وتدعمها الصهيونية العالمية منذ إنشائها حتى اليوم)).

كانت تلك الحرب الرابعة منذ احتلال فلسطين، والآن بعد نحو نصف قرن تغيرت خلاله خريطة المنطقة وتوازنات القوى الإقليمية والعالمية وبعد رحيل معظم الزعماء والقادة ومرور العلاقات الليبية المصرية بشد وجذب وصل حد الاشتباك المسلح منتصف 1977م، ثم تأزم العلاقات المصرية العربية بعد اتفاقية كامب ديفيد، والاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وما نفذته العصابات الصهيونية من مجازر ومذابح، ثم الحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج الأولى والثانية وموجة الربيع العربي وانقسام السودان …الخ، وخلال ذلك وبعده قيام بعض الدول العربية تباعًا بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، ثم ما نتج عن اتفاقيات أوسلو، ثم استخدام المنطقة في تسويات الصراع الروسي الغربي عبر وكلاء محليين، وانتفاضات الشعب الفلسطيني المختلفة وصولا لطوفان الأقصى منذ 7 أكتوبر الماضي، وما أعقبه من تطورات وتداعيات واغتيالات متتالية ومتقاربة لقادة الصف الأول في حماس وحزب الله.

ومع وبعد كل هذا، تقف أجيال ليبية ولدت بعد حرب 6 أكتوبر ولا تجد ما يروي ظمأها للمعلومة بشأن الدور الليبي في تلك الحرب ضمن المشاركة العربية عسكريا واقتصاديا في تحقيق النصر على العدو الذي كان مشتركًا في نظر الشعوب والحكومات العربية والإسلامية وقتها، حتى أنها لا تعرف الكثير عن الطائرة الليبية التي أسقطها العدو الإسرائيلي فوق سيناء قبل نحو 7 شهور من حرب 6 أكتوبر، وقتل 108 من ركابها، ولا تعرف ما ساهمت به ليبيا من دعم لمصر والأردن بعد مؤتمر الخرطوم الذي تلا نكسة 1976م.

كان يفترض في المناهج التعليمية أن تركز على الدور الليبي في المواقف التاريخية في جميع محطات الصراع العربي الصهيوني وبموضوعية تامة ودقة متناهية، فالطالب الليبي يعلم عن حرب البسوس أكثر مما يعلمه عن حروب القرن العشرين والتي شاركت فيها ليبيا أو وقعت على أرضها، وكان يجدر بالدراما الليبية أيضًا أن تؤدي رسالتها في تقديم تاريخنا كله في أعمال يتلقفها المشاهد والناقد كل فيما يهمه، إن تغييب تاريخنا على المستويين التعليمي والفني سيساهم في انعزال أجيال عن الانتماء والهوية والعراقة وفصلها عن دورها المتمم لدور الأجداد والآباء الذين خلدوا تضحياتهم بدمائهم، خاصة وأن صراعنا مستمر كونه صراع وجود فقد قال “بن غوريون: ((دولة إسرائيل هي مجرد مرحلة على طريق الحركة الصهيونية الكبرى التي تسعى إلى تحقيق ذاتها، بحيث لا تشكل هذه الدولة هدفًا في حد ذاته بل وسيلة إلى غاية نهائية))، وأضاف ((حدود إسرائيل تكون حيث يقف جنودها)).

شاهد أيضاً

*أولويات الإصلاح الصحي*

د.علي المبروك أبوقرين   حدث في العقدين الأخيرين تطور متسارع في التقنية والتكنولوجيا الطبية مما …