منصة الصباح

هذا زمن الرواية والشعر جنس أقلية “لهذا نكتب الروايات” كتاب يضم ستة حوارات وعشر شهادات لروائيين إسبان

خلود الفلاح

 

الشهادات والحوارات بمثابة الكشف عن الجانب الخبيء من حياة الكاتب وعلاقته بالعالم المحيط، حبه للكتابة، وسعيه لخلق رؤيا وأفكار معاصرة.

كتاب “لهذا نكتب الروايات: شهادات وحوارات مع روائيين إسبان” ترجمة وتقديم الروائي العراقي محسن الرملي، هذه الحوارات والشهادات تتناول كما يقول الرملي “أكثر من مسألة مهمة، فعدا شؤون الرواية، وضعها الحالي وآفاق مستقبلها من حيث الدور والتقنية واللغة، تم تبادل وجهات النظر عن حاضر العالم سياسياً واجتماعياً وثقافياً. وماهية دور المثقف في ذلك بشكل عام، والروائي بشكل خاص”، ويضيف: نجد التطرق إلى مسائل كالوحدة الأوروبية، العولمة، الهويات، الجماعة، الفرد، التاريخ، الحروب، الفن، الواقع، الخيال، الهجرة، الاغتراب، الأيديولوجيات، الأديان، التكنولوجيا والكتابة كل ذلك يكشف لنا عن طبيعة رؤية الروائيين الإسبان للعديد من القضايا، ومنها على وجه الخصوص فهمهم للفن الروائي.

تحكم القارئ

وحول مدى إطلاع الروائي الإسباني على المنجز الروائي العربي، وما هي أسباب ضعف الترجمة الإسبانية للأعمال العربية في مختلف الفنون، يقول الروائي رافائيل ريج: معرفتي بالأدب العربي أقل مما يجب، ولكن أعرف ما قد أصبح جزءاً من موروث الثقافة العالمية مثل ألف ليلة وليلة. أعرف الأدب الأندلسي والذي هو في نظري فرع من الأدب العربي بما فيها الأدب الأندلسي المعاصر.

ويفسر ضعف الترجمة الاسبانية للأعمال العربية، بسبب الإمبريالية الثقافية، مثلما يحدث مع الأدب الإسباني في الساحة الإنجليزية، بينما نرى الأدب الأمريكي يهيمن، أيضا انتشار ما يكتبه الغرب عن الثقافة العربية والإسلامية بغض النظر عن مستوياته ومدى انصافه، أكثر مما نجد كتابات العرب والمسلمين عن أنفسهم. حيث لا يبذل جهد لترجمة الأدب العربي. إن ما يحدث هو شكل من أشكال المتاجرة باستغلال الأحداث. وهذا نوع من الاستعمار الجديد.

في المقابل، يرى الروائي مانويل فرانثيسكورينا، أن الأدب العربي والثقافة العربية تعاني من أحكام مسبقة عليها من قبلنا وفي الغرب كله. وهذا متأثر بالمناخ العالمي السائد وخاصة السياسي، فمثلاً، حتى الوصول إلى جائزة نوبل لكل من نجيب محفوظ وأورهان باموق لم تؤثر كثيرً في تغيير هذا التصور عما هو عربي وإسلامي.

ويشير رافائيل ريج إلى أن التجريب والتمرد في الرواية الإسبانية خلق قطيعة مع القارئ، لذا قررنا ألا تكون أعمالنا عبارة عن مونولوج داخلي ومغرق في الذاتية. لذلك عدنا إلى تقديم الرواية البوليسية، الفكاهية، النسائية، روايات الأعمار والأجيال. هذه الأعمال يفهمها القارئ ويثق بجديتها. إذ كان المطلوب البحث عن متلقي مكمل وشريك ولاعب مع الكاتب، خاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تهم الإنسان المعاصر.

يؤمن رافائيل ريج، أن الرواية أكثر انتشاراً في إسبانيا في مقابل تراجع الشعر، يعني ذلك “الشعر أصبح جنس أقلية، مثل الأوبرا، والموسيقى الكلاسيكية، والمسرح، وصار يدرس في الجامعات وتتم قراءته خلال مرحلة قصيرة ومبكرة من العمر. بعد ذلك يتم التخلي عن قراءته. أعتقد أن للمجتمع وتحولاته تأثيرا في ذلك التخلي عن الشعر”.

في حين أعتبر الروائي مانويل فرانثيسكورينا أن الحركة الشعرية الإسبانية تعيش لحظة جيدة. فقد كانت دائما جزءاً جوهريا من الثقافة والطبيعة الإسبانية.

آلاف الروايات يوميا

في شهادته المعنونة ب “أكتب الرواية لهذه الأسباب” يتحدث الروائي خافيير غارثيا سانجث، عن أهم الأسباب التي تدفعه إلى كتابة الروايات وهي أن قراء الرواية يجدون في الروايات مصدراً يساهم في تشكيل حياتهم، ويضيف: “أكتب الرواية لأنه على الرغم من كل شيء، مازال عندي إيمان أعمي بالجمال والكرم، مازالت أؤمن بالأشياء وبالقضايا الحميدة، التي تكرم الإنسانية”.

ويعترف الروائي خافيير مارياس، أن الأسباب التي قد تمنعه من كتابة الرواية أن هناك روايات أكثر من اللازم، وثمة أناس أكثر مما ينبغي يكتبونها. ويضيف: تصدر دور النشر آلاف الروايات، وآلاف الروايات الموجودة على رفوف المكتبات، إضافة إلى آلاف الروايات التي تم رفضها من قبل دور النشر.

ويستطرد “لمن الهزل بذل الجهد في كتابة الروايات لغرض الشهرة، كما أن كتابة الروايات لا تجلب الزهو، ولا حتى للحظات على العكس مما يحظى به المخرج السينمائي أو الموسيقي أو أولئك الذين يستطيعون ملاحظة رد فعل المشاهدين”.

ويؤمن الروائي روبرت سالادريغاس أن رواية المغامرة لم تمت من حيث العمق، وإنما قد قامت فقط بتغيير وضع أهدافها من حيث الحيز في الحياة. فقد انتقلت بمكانها من ضوء الشمس إلى عتمة متاهات الإنسان المعاصر.

وأن الرواية الأوروبية بشكل عام، قد اقتربت أكثر إلى الفحص النفسي، الباطني لما تفتقر إليه الحياة، وترد على المهيمنات في زمن مفعم بالخبرة، هذا الزمن الذي يعيش بين أحضانه الروائي كفرد آخر وسط أفراد تائهين.

وهذا يفرض على الكاتب أن يكون منتبها للتحولات التي تحيط بعمله للوصول إلى جودة أفضل للعمل الروائي.

ويسأل الروائي لويس ماثيودييث من خلال شهادته المعنونة ب “الرواية الحديثة لا تقلد الحياة وإنما تحاول تعويضها” ما الذي سيكون عليه مصير الرواية الأوروبية في وقتنا المعاصر؟ لماذا يجب علينا أن نؤسس الرواية كمرآة قريبة، إلى جانب الموازنة بين ما يلائم استمرار إرثها، وما هو ليس ضرورياً؟

ختاما، لابد أن نقول إن كتابة الرواية في عالمنا اليوم تحولت إلى صنعة، إبداع يقترب من الواقع ويحاول تجسيده وتوثيق ما يحدث.

يضم الكتاب ستة حوارات وعشر شهادات لروائيين إسبان، في محاولة لإعطاء إضاءة وافية عن المشهد الروائي الإسباني والقضايا التي يتناولها وتطور أدواته، وكيف ينظر الروائي الإسباني إلى الأدب العربي؟ وما هي أسباب ضعف الترجمات الإسبانية للأعمال العربية؟

شاهد أيضاً

ليبيا تنال حق استضافة الاجتماع الـ 20 لمجلس وزراء البيئة الأفارقة

نالت ليبيا حق استضافة الاجتماع الوزاري العشرين لمجلس وزراء البيئة الأفارقة والتابع لبرنامج البيئة في …