بوضـــــوح
بقلم / عبد الرزاق الداهش
ما بين عشرين وثلاثين ألف أسرة نازحة، بسبب الحرب على طرابلس خلال الأشهر الماضية، الرقم مرتفع جدا، وحتى مرشح للارتفاع.
مأساوي أن يغادر هذا العدد منازلهم، والأسوأ أن أكثر من نصفهم لن يعودوا لها، بعد أن صارت أكواما من الحجر، ومخلفات البناء.
القصة ليست رقماً يظهر في شريط إخباري على شاشة القناة الفضائية، خلال برامجها للسهرة.
هناك نحو مئة وخمسين ألف نازح، أو يزيد، ولكل نازح قصته الخاصة، وعذاباته الخاصة.
فكم من بين هؤلاء المئة والخمسين من هو مقعد، أو مقعدة، في حاجة إلى رعاية خاصة، واهتمام خاص؟
وكم من بين هؤلاء النازحين، من هو طفل فتح عينيه على الموت، قبل أن يعرف طريقه للحياة؟
وكم من هؤلاء النازحين من هي امرأة حامل، لا تعرف أين تضع مولودها، ولا تعرف أين تضعها الحرب؟
وكم من بين هؤلاء النازحين، من هو صاحب عائلة يعصف به سؤال حائر أين سيبيت بأبنائه الثمانية، وليس أمامه أو خلفه، أجرة منزل لنصف أسبوع.. وكم من بين هؤلاء النازحين، من هو موجوع، تذبحه الحسرة، وهو يبحث عن حمامة لأم مريضة، في مستودع قطع غيار لا يصلح للمواشي؟
هكذا.. تفاصيل صعبة، وعنيفة، رتبتها حرب غير واجبة، من أجل كرسي سلطة لم يدم لأحد.. فهل يعرف مجلس الأمن هذه التراجيديا الليبية، وهذه التفاصيل من المأساة الليبية القاسية جدا؟
وماذا تفيد الليبيين قرارات من وزن الدعوة لإيقاف التصعيد، أو ضبط النفس؟
وهل قرارات (رفع العتب) و(رشوة الضمير الدولي)، سترفع معاناة الضحايا، أو تعوضهم عن الكارثة غير الطبيعة؟
قد لا يجد الليبي ما يقول إلا: نقعوها واشربوا ماءها.