مفتاح قناو
المتابع للتطورات الراهنة والتحركات المفاجئة للأجسام السياسية في ليبيا هذه الأيام، يلاحظ بوضوح وجود حركية ورغبة في القفز إلى تحالفات جديدة يستخدمها كل طرف للمحافظة على نفوده، وزيادة حجم تأثيره في السياسة العامة للبلاد.
قبل وقت ليس بالبعيد أعاد مجلس النواب رضاه عن محافظ مصرف ليبيا المركزي، واتفق معه على توفير غطاء سياسي لموضوع هام يمس بشكل مباشر حياة المواطن الليبي وهو فرض رسوم جديدة على صرف العملة الأجنبية التي يعلم الجميع أنها أساس حياة المواطن الليبي، حيث أن كل السلع في السوق الليبي هي مستوردة من الخارج وبذلك من المؤكد زيادة سعرها مع فرض الرسوم الجديدة، حتى تجاوز سعر الدولار سقف السبعة دنانير وارتفعت أسعار السلع بشكل غير مسبوق، كان ذلك في مقابل حصول البرلمان والحكومة التي تتبعه على ميزانية كبيرة سيتم توفير جزء كبير منها من أموال فرض الرسوم الجديدة أي من قوت المواطن الكادح.
لم يعجب هذا الحكومة المركزية التي ترى انها الحكومة الوحيدة التي من حقها تبديد ثروة المجتمع الليبي، لذلك ناصبت المحافظ العداء، وتعمل بكل الطرق على احراجه، وتحالفت مع رئاسة مجل الدولة للعمل في الاتجاه المضاد.
دخل على الخط مجلس الدولة، حيث يحاول كل طرف ضمه إلى جانبه، فمن خلال الانتخابات الأخيرة ظهر بوضوح شكل النزاع بين الطرفين من خلال فرز الأصوات التي كانت شبه متساوية والتي أدت إلى انقسام المجلس وانعقاده في قاعتين منفصلتين.
التحركات العسكرية في جنوب البلاد أصبحت مصدر قلق كبير للمجموعات المسلحة في المنطقة الغربية، حيث اقتربت هذه القوات من مدينة غدامس وتعطي إشارات بإمكانية السيطرة عليها مما يجعل الطريق مفتوحة لمناطق الجبل الغربي، يتزامن ذلك مع اتفاق مصري تركي حول استثمارات الغاز في البحر المتوسط وزيادة نصيب الشركات التركية من المشاريع الاقتصادية في شرق البلاد، مما يعطي مؤشر على إمكانية تخلي الحليف التركي عن حلفائه في الغرب الليبي.
الورقة الأخيرة والضعيفة في اللعبة السياسية الليبية هي المجلس الرئاسي، الذي ثم الضغط عليه ليصدر قرارا بإعفاء محافظ مصرف ليبيا المركزي، وتعيين خلف له كان قد سبق صدور قرار بتعيينه من مجلس النواب في فترة سابقة عندما كانت علاقة مجلس النواب والمحافظ في اسواء حالاتها.
كل هذه التحركات السلبية تسير في اتجاه المزيد من تعقيد الازمة الليبية، وأغلبها تحت ستار الحصول على الحقوق، بينما الحقيقية المطلقة هي أن دوافع الجميع هي البحث عن مزيد من السلطة واهدار المال العام، الذي لم يعد له من رقيب أو حسيب.
من كان له التأثير الحاسم في هذه التناقضات هو النفوذ الأجنبي ومصالح الدول الكبرى، لكن القرار الأمريكي غير معني حاليا بليبيا، حيث تعيش أمريكا هذه الأيام دوامة الانتخابات، فرنسا في حالة ضعف بعد هزائمها السياسية في افريقيا، وإيطاليا مستعدة لمسايرة الجميع مادامت انابيب الغاز مستمرة في العمل، الدب الروسي هو الوحيد في حالة تمدد افريقي، وننتظر ماذا سيحدث ؟