منصة الصباح

خديجة بسيكري للصباح: خذلت وبيتي في شنطة سفر …!

 

حنان علي كابو / الصباح

في عينيها كما صوتها كما نصها، يسكن حزن شاهق، هي روح وليل قلق، هي كل الاحتمالات القادمة والمؤجلة، وهي المتشظية بحب وطن .
منغمسة كثيرا بالوجع والخذلان والخيبات المترامية، تكاد تظفر بفرح عابر ليقتص منها حزن مقيم.. تعافر كثيرًا وتتأبط حقيبة والكثير من السفر.. ابنة بنغازي والوطن سفيرة أمازونات ليبيا، العمل الذي له ألف باب من الخير .
– لماذا أصبحت خديجة بسيكري مقلة في الظهور كشاعرة ؟
أصبحت مقلة في الظهور كشاعرة لأن المناشط لم تكن بالزخم المتعارف عليه سابقا، بالإضافة إلى أنه تتم دعوتي في طرابلس أكثر من بنغازي، وهذا السؤال أطرحه للقائمين على البرامج الثقافية .
أنا أكتب، ولكن ما بعد الأحداث التي صارت في ليبيا أصبح قلمي مغموسا بالوجع، أحيانا أكتب قصيدة وأنا أبكي، ثمة وجع أكبر مما يعبر عنه، لديّ مجموعة من القصائد أجهزها لديوان قادم .
– اتجهت للعمل التطوعي من خلال تأسيس” أمازونات ليبيا ” لماذا العمل التطوعي تحديدا ؟
“أمازونات ليبيا” استنفذت الكثير من وقتي لضرورة الحال، أنا شخصيا محبة للعطاء والعمل التطوعي ليس جديدا، أسست نادي المرأة والطفل أيام الراحل “إبراهيم بكار “رحمة الله عليه، وتناديت مع مجموعة من الناشطات ولكن تم القفز على الفكرة كالعادة .
وعندما قامت الأحداث أصبح الوضع في البلاد يحتاج لدعم بل الكثير من الدعم، أمازونات ليبيا فرضت نفسها، وأثبتت نفسها كنوع من المساهمة في بناء الوطن واستنفذت خديجة الشاعرة بشكل كبير .
– ماذا بعد غجرية، ليل قلق، امرأة لكل الاحتمالات، ويدي على قلبي؟

لديّ الآن ديوان شبه جاهز، ومع ذلك ألوم نفسي بعض الشيء، توالي الأحداث والخيبات والإحباطات والبلد المسروق والثروة المنهوبة والحلم المغتصب كل هذه الأمور أثرت عليّ، وأنا اعترف بذلك، وربما هروبي للعمل التطوعي نوعا من التكفير عن خطيئة الإسهام في التغيير الذي للأسف لم يكن لصالح الوطن والمواطن وأنا اعترف بذلك .
أحيانا كتابة القصيدة هي خلوة مع النفس، هذه النفس التي تلومني في أمور كثيرة وربما هو هروب من نفسي، وربما هو إمعان في الوجع الذي لا تحتمله نفسي ولا قلبي، لكن لدي مجموعة من القصائد وسيكون لي أمسية شعرية هذا إذا دعتني بنغازي، أنا شاركت في أمسيات بطرابلس وشحات، ولكن في بنغازي لم أشارك، يبدو أنها تدير لي ظهرها.
– خضت تجربة الشعر الشعبي أو الشعر العامي من خلال غناوة علم حدثيني عن هذه التجربة ؟

من أجمل تجاربي الثقافية كتاب “غناوة علم” وأنا من خلال منصتكم أوجه تحية للرجل الأول الداعم لي الأستاذ “نوري الحميدي” الذي آمن بفكرتي وقدّمت له التصور وكوّن لجنة وللأسف خذلت من هذه اللجنة ولم أكتب اسمي على الكتاب احتراما لها، بالرغم أن الجهد الكبير كان جهدي.
“دعيني أتعامل بنرجسية، لقد مللت من الانكفاء على ذاتي”، وإيثار الآخرين اسمي لم اكتبه لأن اللجنة لم تعمل، فقط السيد علي شحات كان معي خطوة خطوة، والبقية لم يتعامل أبدا والحقيقة انصفني الدكتور الراحل “خليفة التليسي: بأن كتب اسمي في مقدمة الكتاب .
– حضرت لك أمسية منذ سنوات طويلة عن الشعر الشعبي ؟
ديوان “غناوة علم ” في اللهجة العامية يقال “يقطع في العلم، “غناوة علم” فن عالمي، اختزال رهيب، محراب تقدس فيه الكلمة، “غناوة علم” قصيدة البيت الواحد كما ذكر الدكتور خليفة التليسي رحمة الله عليه .
أنا لست ابنة بيئة بدوية لكي أتمكن من كتابة الغناوة أو انقطع في العلم، أنا تعاملت معها بروح وطنية بروح مبدعة، بروح مثقفة، انحيازي لقصيدة النثر تأكيدا على أن جذور القصيدة ليست مستلبة من الأدب الفرنسي، هي جذورها في الأدب الصوفي وفي الأدب الشعبي في “غناوة العلم”، فمن يكتبها يجب أن تكون حصيلته اللغوية نابعة من أنه ابن بيئة بدوية، وتم انتقادي لان أصولي من الغرب، فكيف تكتب غناوة علم، وكأنك لست من ليبيا، ورغم عشقي للهجة البدوية لكن لابد من الاعتراف أن هناك أشياء تنمو معك، نعم احفظ غناوي علم ولكن لا أجرؤ على أن أقول “غناوة علم”.
– “براح ” عنوان لعمودك الصحفي لأكثر من عقد، ماذا منحتك الكتابة؟
الكتابة منحتني خديجة، منحتني براحي، خلقتني ككاتبة ومراوغة في الكتابة، 10 سنوات ونيف بعمود صحفي ينشر أسبوعيا، لا أنسى الأساتذة عبدالرازق الداهش، عابدين الشريف، محمود البوسيفي، سعد نافور رحمة الله عليه، كانوا دائمًا دافعين بي واعتز بهذه التجربة التي تجعلني أقول إنني وبكل فخر ابنة صحيفة الجماهيرية.

– من أين تستمد بسيكري مقومات الاستمرارية كإنسانة ناشطة فاعلة في المجتمع ؟
أنا استمدها من حب بلادي، وحب الإنسانية، من شارعنا، منطقتي، من بنغازي، من ليبيا، استمدها من أشخاص تخطوا كل العراقيل وأثبتوا نجاحهم .
أسعد عندما أساعد الغير واسهم في بناء وطن، سعادتي لا تقدر بثمن عندما أكون سببا لفرحة حقيقية لشخص ترك الانحراف، أو الدفع بأرملة لتربي أبناءها جيدا ليكونوا رجال المستقبل .
– من أين يأتي الشعر ؟
الشعر يأتي من الواقع، من الحياة، من لفتة إنسانة جميلة، من صديق قديم، من جبر خاطر من أنين شخص مر أمامك، من عيون حزينة .
الشعر عالم ولكنه لا يختزل في شخص أو وطن أو تجربة .
الشعر ملعون ومقدس، أشفق على أي شخص يبتلى بالشعر، يغترب بك وبسكنك عالم من التضاد هالة لا توصف أو تشكل، الشعر هو الشعر .
– بعيدا عن الشعر والعمل التطوعي ماذا يشغلك ؟
يشغلني هذا العالم، بلادي، أشعر بحزن من داخلي، ولكن أتشبث بأهداب فرح وأحاول أن أصنع الأمل وأبرر الأخطاء، ولكم أتمنى أن يكون لي عصا سحرية لمسحت الأشياء السيئة وكل من ساهم في سرقة شبابا، تشغلني ليبيا وأرجو أن تكون بأحسن حال بزرع أمل أو نبتة أو شجرة .
– السفر قدر أم ملجأ؟
السفر أخذني أصبح بيتي في شنطة سفر، السفر علاج انفلات من اختناق، على قدر عشقي لبنغازي على قدر خذلاني منها، أنا مبتلاة بهذا العشق، أهرب منها لأعود لها بشوق وبقلب يتماثل بالشفاء ليجرح من جديد في بنغازي .
السفر اخذني وأصبح جزء من خارطتي، ولابد من بنغازي مهما طال السفر .

شاهد أيضاً

فتحية نصر تعلن عن باكورة أعمالها الروائية “بحمامة الوادي”

  حنان علي كابو صدر عن دار إمكان للطباعة والنشر، للروائية فتحية نصر أولى نتاجها …