منصة الصباح

فرق كبير الحق!

عبد الرزاق الداهش

تأمل طولا قائمة المنيو قبل أن ينده للنادل في احد مطاعم كولالمبور.

اختار ما يناسبه لوجبة عشاء من بين قائمة وجبات تبدو غريبة بالنسبة له.

تذكر وجبات الصراصير، والثعابين، وحكايات أخرى عن المطابخ الآسيوية.

لم يكن صديقنا يدري أن مشكلته في هذا المطعم لم تبدأ بعد وخاصة مع توفر غير صنف واحد من الأسماك.

طلب فاتورة الحساب، اخرج بثقة ورقة تحمل صورة بنجامين فرانكلين، الفزيائي الأمريكي العظيم، التي نسميها مئة دولار.

ظهرت علامة الصدمة على عامل المطعم، كما لو أنه صادف إنسان قديم خرج لتو من احد كتب التاريخ.

اعتذر العامل عن عدم التعامل بالكاش منذ زمن، فاليوم حلّت وسائل الدفع الإلكتروني محل ورق البنكنوت.

كان الموقف صعبا لرجل تلتصق بذاكرته طوابير المصارف، وأزمة السيولة، وشراء الكاش بالصك.

لم يكن له إلا الاستعانة بصديق يقيم في ماليزيا، وكانت ثلاثة دقائق إلا بعض الثواني، ووصلة قيمة العشاء للمطعم.

هل نحن على نفس هذا المركب الكوني مع عالم نهاية الربع الاول من القرن الواحد والعشرين؟

في عالمهم لا احد يبيع لك حتى عود كبريت بالكاش، ونحن تشتري مزرعة بكم مليون (دينار ينطح دينار).

وفي عالمهم لو ادخلت ألف دولار يطير نصفها ضرائب، ونحن نستعين بقاموس لمفردات الاستجداء من اجل سحب نصف مرتب.

وفي عالمهم لو جئت بدولار واحد يزيد عن العشر آلاف فسوف تتبهدل بين الضرائب، ومكافحة غسيل الأموال.

والأسوأ انك ستتحول من شباك الصراف إلى شباك قاضي التحقيق.

فرق كبير الحق!

شاهد أيضاً

صلاح البلاد في إصلاح التعليم

للتذكير جيل الخمسينات وانا أحدهم كانت الدولة حديثة العهد وتفتقر للمقومات ، والمجتمع يعاني متلازمة …