عبد الرزاق الداهش
عندما يكون صديقك لربع قرن، ومع ذلك تلزمه بتقييد محضر غش بحق ابنته في امتحانات الإعدادية.
وعندما تفضل ضميرك ليكون صديقك الأول حتى ولو كان الوحيد، والأخير.
وعندما ترفض أن تكون شاهد زور في حفلة ليست تنكرية لمأدبة غش جماعي.
في هذه الحالة يمكن أن تكون “السيد احمد مسعود” مدير عام مركز الامتحانات.
رجل كان بوسعه أن يضع رأسه بين الروؤس،ويقول: أينك يا قطّاع الضمائر، ولكنه وضع استقالته بيننا.
ماذا كان يضيره حتى ولو حلق بنتيجة الشهادة إلى نسبة مئة بالمئة، بالعكس كنا سنحتفي به أكثر.
ففي زمن الشهادة أفضل من التعليم، والوظيفة أفضل من العمل، والساعة أفضل من الوقت، والقميص أفضل من الإنسان، لابد أن يكون الوهم أفضل من الحقيقة.
أقصد كان يمكن للأستاذ “السيد” أن يرضي الجميع، ويوزع شهادات تقدير الممتاز، كما توزع أوراق الكلينكس في صالات الأفراح.على الجميع.
الرجل حاول أن يكون مخلصا لضميره المهني كمعلم، وكمفتش تربوي، وكأب، والأهم من ذلك كله كأبن لهذا الوطن.
لهذا فقرار رفض استقالة السيد احمد مسعود هي إنصاف للضمير، والروح المسؤولة.
رداءة الامتحانات وضبط المخرجات، ليست كل المشكلة، ولكن معالجة المدخلات، وجودة التعليم، هو ثلاثة أربع الحل.
لابد آن نقف مع السيد مسعود اليوم، حتى لا نقف في يوم أخر أمام طبيب نجح بالغش، ومهندس نجح بالغش، وامام جامع نجح بالغش.
التعليم ليس غنيمة، هو افضل مشروع استثماري للغد.