الصباح – خلود الفلاح
يشغل ملف المهاجرين القادمين من عمق أفريقيا باتجاه الشواطئ الأوروبية عبر ليبيا اهتمام العديد من الأطراف الدولية المعنية بالأزمة الليبية، في ظل عدم قدرة السلطات على التصدي لهذه الظاهرة.
وربما زادت المخاوف بعد إلغاء المجلس العسكري في النيجر لقانون تجريم الهجرة غير الشرعية، الأمر الذي يفاقم الوضع .
وفي هذا الإطار، يرى خبراء في شؤون الهجرة، إن التداعيات سوف تكون سلبية لأن النيجر ليست مجرد دولة مصدرة للهجرة غير الشرعية، ولكنها تعتبر دولة عبور للكثير من الافارقة، نظرا للحروب والصراعات الداخلية التي تعيشها كثير من الدول الإفريقية، مستخدمين أراضي النيجر للعبور إلى شمال إفريقيا، تونس وليبيا على وجه الخصوص.
تغيير ديموغرافي
ويرى الناشط السياسي عبد المنعم اليسير أن هناك رغبة فعلية في توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا التي تعتبر منطقة عبور نحو أوروبا، فيما يعاني الاتحاد الأوروبي تلك المعضلة ويسعى إلى التخلص منها، وبالتالي فهو يعتقد أن ليبيا التي تعاني عدم استقرار هي مكان مناسب لتوطينهم، ويلفت اليسير إلى أن توطين المهاجرين سيؤدي إلى تغيير ديموغرافي في ليبيا، ما يُشكل خطراً أمنياً ووجودياً على الدولة الليبية، إذ إنه مع مرور الوقت سيجد الليبيون أنفسهم أقلية في بلادهم، خصوصاً في الجنوب الذي يمتلك ثروات نفطية ومعدنية هائلة.
وفي وقت سابق، كان مجلس النواب قد اصدر قانون “مكافحة التوطين” في ليبيا، والذي يتضمن عقوبات بالحبس والغرامة لكل من دخل ليبيا بقصد الإقامة فيها، أو ساهم في تحقيق ذلك لافتين إلى أنه “سيتصدى لحدوث مزيد من التغيير الديموغرافي بالبلاد”.
ويشير عضو مجلس النواب إسماعيل الشريف، إلى أنه مع تصاعد القلق، من وجود مخططات غربية تسعى لإقامة مراكز ومخيمات لتوطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا، للحيلولة دون تدفقهم للشواطئ الأوروبية.
ويرى حقوقيون ليبيون أن جانباً من الأزمة يرجع إلى أن بعض الأجهزة الأمنية بالبلاد تتاجر بالمهاجرين بصور مختلفة، ما يفاقم أزمتهم منذ الانفلات الأمني.
النزاع المسلح
ويقول رئيس مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان طارق لملوم، إن عملية استغلال المهاجرين القادمين إلى ليبيا قديمة وليست جديدة، لكنها زادت بعد النزاع المسلح الذي شهدته البلاد، وعدم وجود حكومة واحدة.
ويتابع طارق لملوم، “كل من يجري احتجازهم من المهاجرين وطالبي اللجوء داخل مقار الاحتجاز، سواء أكانت رسمية تابعة لجهاز الهجرة غير المشروعة، أم التابعة للمجموعات المسلحة، هم من يقومون ببناء هذه السجون وصيانتها وتنظيفها أيضاً”.
أحياناً يجري القبض على مهاجرين من الشوارع أو من داخل المنازل بغرض استغلالهم؛ وعندما تجري إعادتهم من البحر لدى محاولتهم مغادرة ليبيا، يُطلب منهم العمل عدة أشهر في هذه المجالات أو يدفعون أموالاً مقابل إطلاق سراحهم، بحسب لملوم.
ويوضح الناشط السياسي عبد المنعم اليسير، ليبيا ليس لديها القدرة على أن تستوعب هذه الأعداد الكبيرة من المهاجرين وتستفيد منهم في ظل ضعف الدولة ومؤسساتها وتراجع قدرتها على توفير حياة معيشية مناسبة لمواطنيها، لافتاً إلى أن معضلة تزاحم المهاجرين تتشابك أيضاً مع إشكالية عدم الاستقرار الأمني الذي سمح لبعض المجموعات باستخدام الملف مصدراً لتحصيل الثروة، كما أن هناك العمالة الوافدة بطرق غير قانونية، لذلك فإن القضية تحتاج إلى معالجتها معالجة متكاملة بداية من إحكام السيطرة على الحدود والمنافذ البرية، وبالتزامن وضع قوانين تُنظم وجود الوافدين على الأراضي الليبية وفقاً لإمكاناتها.
وبحسب تقرير نشرته منظمة الهجرة الدولية في ليبيا، أن هناك زيادة طفيفة في عدد المهاجرين في البلاد، وكشف التقرير وجود 725,304 مهاجر من 44 جنسية موزعين على 100 بلدية ليبية، ما يشير إلى ارتفاع بنسبة 1%.
وأشارت المنظمة إلى أن “هذا العدد هو الأعلى منذ بدء جمع البيانات في 2016، على الرغم من أنه لا يزال أقل بكثير من العدد المقدر بحوالي 2.5 مليون مهاجر قبل اندلاع النزاع في 2011”.
ويشير التقرير إلى مساهمة عدة عوامل في هذه الزيادة، بما في ذلك الاستقرار النسبي في بعض البلديات وتحسن فرص العمل في قطاعات مثل البناء والنفط والتجارة والزراعة.
كما أكد التقرير على استمرار وصول المهاجرين السودانيين إلى مناطق مثل الكفرة وأماكن أخرى في شرق ليبيا نتيجة للنزاع المستمر في بلدهم.