منصة الصباح

الإعلام التضليلي

بقلم / علي مرعي

دعونـــا فـــي البدايـــة نقول إن غالبيـــة القنوات الفضائيـــة العربية التي تواكـــب الأحداث في أكثـــر مـــن مكان فـــي الوطن العربي ، في العراق وســـوريا واليمن وليبيا ولبنـــان وغيرها ، تحاول عبـــر خطابهـــا الإعلامـــي أنها تصب الزيـــت على النار وتؤجـــج الصراع بطريقة فجـــة قد تدفع إلى الاقتتال الداخلي وخصوصا في الدول التي تتشـــكل فيها التركيبة الاجتماعية على أســـاس قبلـــي وطائفي ومذهبي .

إن الباحـــث عـــن الحقيقـــة من خلال هذه المنابـــر الإعلامية ، كمن يحـــرث في البحر، فلا تجد فيها ســـوى «شـــاهد عيان» أو «عاجـــل» أو لقاءات مفبركة وكلها من أجـــل تأجيج الأحداث، بـــدل العمـــل على التهدئة بغية الحصول على ســـبق ما ســـواء أكان كاذبا أو صحيحـــا ، لأن هذه المنابـــر تســـعى إلـــى إحداث واقـــع بمنظارهـــا أو بمنظار من يمولهـــا ،وليس بمنظار الشـــعوب التواقـــة إلى الحرية والديمقراطية والتخلص من فســـاد الســـلطات الحاكمة .

إن التضليـــل الإعلامـــي الـــذي يواكـــب الأحـــداث يعمـــد إلى تضخيـــم الأمـــور ووضعها في قوالـــب غيـــر قوالبهـــا وتحاول حرف بوصلـــة الاحتجاجات عن مســـارها الأصلي إلى مســـارات أخـــرى مغايـــرة تمامـــا تخـــدم أهدافـــا مشـــبوهة ،مع ما يتبـــع ذلك مـــن تصديق شـــرائح كبيرة مـــن المحتجيـــن لهذه الأخبـــار المفتعلة التي تطلقها بعـــض القنوات بغية إثـــارة الفتن والتأجيج الطائفي  والمذهبـــي  والقبلي  .

ولعل مخاطبة الإعلام الممنهج للوعي العقلي للمتلقي بأســـلوب لا يخلو من الخبث والدهاء تجعلـــه يصـــدق كل هـــذه الأخبـــار والتلفيقـــات  ، وبالتالـــي وجب هنا الانتبـــاه إلى أن الوســـائل الإعلاميـــة العامـــة والخاصة يقع على عاتقهـــا أن تكون عقلانية في أي طـــرح أو في تغطية أي حـــدث مـــن الأحـــداث ، وأن لا يكون خطابها تضليليا وفق ما يملى عليها مـــن الممول أو الراعي لهذه  القنوات  .

إن عـــدم التـــزام الكثير من الفضائيات بشـــرف المهنة يجعلها تحيد عـــن واجبها الأخلاقي والابتعـــاد عـــن إيصـــال الحقائـــق للـــرأي العام بشـــكل منطقي وموضوعـــي ، الأمـــر الذي يحدث تشويشـــا فـــي عقلية المتلقـــي حول ما إذا كانت هـــذه الأخبار والأحـــداث المنقولة واقعية فعلا، أم أنهـــا اختـــلاق مفتعل من هذه الوســـيلة الإعلاميـــة أو تلك .

ويمكننـــا القـــول إن التضليل الإعلامي المتبع في أكثر من وســـيلة إعلامية أصبح للأســـف ظاهـــرة خطيرة يجب معالجتها ودراســـتها والوقوف عندها لمعرفة ما إذا كانت هذه السياســـة من أساســـيات المهنة ، أم أنها مســـتحدثة لتشـــكل رافدا في الصراع الدائر؟ .

واســـتنادا إلى ما نشـــاهده على شاشـــات بعـــض الفضائيات من تلفيق وكـــذب يضعنا أمام تســـاؤل ، إلى متى ســـتظل هـــذه القنوات تتعمد إثـــارة الفتن والقلاقل، والتي ســـاهمت في أكثر من مكان بزيـــادة حدة الصراعات وإســـالة لدماء؟

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …