عبد الرزاق الداهش
كنتُ في آخر تواصل معه، قد حاولتُ إقناعه بتفريغ ذاكرته المزدحمة في عمودٍ صحفي، أتصوره مفيداً..
وكانت الإجابة عن سؤال: من هو السفير الليبي الذي أنقذ حياة، أو حرية الشاعر الفلسطيني “محمود درويش”، مهمة..
ولكنه الموت، كان سريعاً جداً، وبليداً جداً، لا يعرفُ حرية النفاذ للمعلومة، ولا يؤمن بمبدأ إتاحة الفرصة..
لقد أخذ الموتُ الدبلوماسي “عبدالقادر غوقة”، وظلّت لنا فقط سردية الشاعر “محمود درويش”، حول واقعة الخروج من بيروت..
يقولُ الشّاعر الراحل:
“رتّبتُ الأمر مع السفير الليبي في بيروت حينذاك، فهو كان في مقدوره أن يأخذني من منطقة الأشرفية التي كانت الكتائب تسيطر عليها، إلى سورية”..
وقال درويش:
“أخذني من بيتي إلى مدخل الأشرفية.
واتفقنا مع ضابط لبناني، أوجد لنا شارعاً كان سيمرُّ به الرئيس شفيق الوزان”..
وواصل سرديته:
“كان هناك اتفاقٌ بين الإسرائيليين والحكومة على ألا يتعرضوا لهذا الشارع،وفعلاً سلكنا هذا الطريق وخرجنا من بيروت”..
كانت العملية فيها الكثير من المخاطرة، وكان “درويش” بالنسبة للإسرائيليين قنبلة شعرية، أو قنبلة انشطارية..
وكان الخروجُ بشاعرٍ بوزنِ “محمود درويش” من بين مخالب الدبابات الاسرائيلية، التي وصلت إلى حلق بيروت، مهمةً يصلحُ لها “غوقة”، وغوقة فقط..
كتب الشاعر “محمود درويش” رائعته: “مديحُ الظّل العالي”..
عبدالقادر غوقة يحملُ ذاكرةً مزودةً بكاتمٍ للبوح، أو كل البوح..
وداعاً درويش، وداعاً الدبلوماسي، والعُروبي والإنسان عبدالقادر غوقة..