يحث العلماء الحكومات الأوروبية على اتخاذ إجراءات مع تفاقم تأثيرات تغير المناخ الذي يؤدي إلى زيادة الوفيات المرتبطة بالحرارة في جميع أنحاء القارة.
تُعد أوروبا أسرع قارة في ارتفاع درجات الحرارة بمعدل يقارب ضعف المعدل العالمي، وفقًا لتقارير نُشرت مؤخرًا من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ووكالة كوبيرنيكوس التابعة للاتحاد الأوروبي للمناخ.
قام فريق من خبراء الصحة العامة والإحصائيين من مؤسسات مختلفة في جميع أنحاء أوروبا ببناء نماذج لتحليل كيفية تأثير ارتفاع درجات الحرارة أن يغير من خطر الوفاة بناءً على تأثيرات تغير المناخ خلال العقدين الماضيين.
وفقًا لتقرير العد التنازلي لـ “لانسيت” الذي أعده مركز برشلونة للحوسبة الفائقة في إسبانيا والذي نُشر مؤخرًا، يُقدّر ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة في معظم أنحاء أوروبا.
وقالت راشيل لو، مديرة العد التنازلي للانسيت في أوروبا: “نحن نستخدم منهجيات إحصائية لفهم كيف يمكن لإرتفاع درجات الحرارة أن يغير من خطر الوفاة، لكن هذا لا يرجع فقط إلى الوفيات، بل يعتمد أيضًا على العديد من العوامل الأخرى، مثل الأمراض الأساسية والعمر والجنس والظروف الاجتماعية والاقتصادية والقدرة على التكيف مع الحرارة الشديدة، على سبيل المثال، وجود تكييف الهواء والتبريد، وتوفر المرافق الصحية للمساعدة في الوقاية من الوفيات المرتبطة بالحرارة”.
ويذكر التقرير أن متوسط الوفيات قد ارتفع بمقدار 17 لكل 100000 شخص يعيشون في المنطقة بين عامي 2013 و 2022 مقارنة بالفترة العشرية السابقة من عام 2003 إلى 2012.
وقالت لو: “لقد شهدنا في العقود القليلة الماضية درجات حرارة غير مسبوقة وقياسية وموجات حر طويلة الأمد، وقد ارتبط هذا بزيادة في الوفيات المرتبطة بالحرارة والتي لم تكن لتُشاهد لو لم تتغير درجات الحرارة بالوتيرة التي كانت عليها خلال العقود القليلة الماضية”.
وأضافت لو أن تغير المناخ الذي يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي والأمراض التي ينقلها البعوض يمثل مشكلة خاصة بالنظر إلى شيخوخة السكان في أوروبا.
كما حذرت لو من أن جنوب أوروبا يتحمل العبء الأكبر من سوء الصحة الناجم عن ضغوط الحرارة، لكن المشكلات تتفاقم أيضًا شمالًا.
على سبيل المثال، قالت لو: “في حالة داء اللشمانية، نشهد تحولًا شمالًا لمنطقة أوروبا التي أصبحت الآن مناسبة لانتقال داء اللشمانية”.
وأضافت: “نشهد أيضًا، لا سيما في شمال أوروبا، زيادة في طول موسم الانتقال المناسب للقراد وفي حالة الأمراض التي ينقلها البعوض، وخاصة البعوض النمر الآسيوي (Aedes albopictus) الذي يمكنه نقل حمى الضنك وفيروس زيكا وحمى شيكونغونيا، نشهد زيادة في ملائمة هذه البعوضة لأجزاء كبيرة من أوروبا، خاصة في جنوب أوروبا، ولكنها تنتشر شمالًا أكثر”.
وفي تقرير لانسيت، يقول الباحثون إن الحكومات في جميع أنحاء أوروبا تحتاج إلى ضمان تكيف أنظمة الرعاية الصحية والبنى التحتية الخاصة بها لمواجهة التغيرات المناخية، خاصة فيما يتعلق بالأمراض التي يمكن أن تستقر.
ويذكر التقرير أن العديد من البلدان “لا تزال مساهمًا رئيسيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومازالت تقدم إعانات صافية للوقود الأحفوري – على الرغم من أضرارها الصحية”.
وقالت لو: “إنها مسألة وقت فقط قبل أن تصبح الظروف المناخية أكثر ملاءمة في أجزاء كبيرة من أوروبا، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتحسين قدرة المجتمعات الأوروبية على مقاومة الانتقال المحلي لهذه الأمراض، فقد نواجه مشكلة خطيرة”.