بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون .
بداية لابد من التمييز بين جريمة التشهير وجريمة السب ، في قانون العقوبات الليبي ،فجريمة السب تتحقق بخدش شرف شخص أو اعتباره في حضوره ، أي في حضور المجني عليه ، أما جريمة التشهير فتتحقق بالتشهير بالمجني عليه في غيبته لدى عدة أشخاص . لذلك فعقوبة السب أخف من عقوبة التشهير فقد تناولت المادة (438)ع جريمة السب ، وحددت عقوبتها بما لا تجاوز ستة أشهر أو الغرامة كما تشدد العقوبة في حال ما اتهم أو نسب للمجني عليه فعل معين بالذات يحتمل فيه التصديق .
أما جريمة التشهير ، فتتحقق بضرورة توافر شروط محددة في الركن المادي لها وهذه الشروط تتلخص فيما يلي:
1/ اعتداء الجاني على سمعة المجني عليه والسمعة هنا كلفظ واسع كل ما يعطي للشخص قيمة أو مكانة اجتماعية. بمعنى أي لفظ يعد سبا في حضوره.
2/ أن يحصل هذا الاعتداء أمام عدة أشخاص أي يكون أمام شخصين على الأقل ، ولا يشترط أن يكونا مجتمعين بل يكفي أن يكون كل منهم على حدى ، وهذا مااستقرت عليه أحكام المحكمة العليا .3/ أن يكون التشهير في غيبة المجني عليه .
إلى جانب الركن المعنوي وهو توافر القصد العام وهو أن يدرك الجاني أن ما رمى به المجني عليه يمثل اعتداء على سمعته حتى وإن كان حسن النية معتقدا ما رماه به صحيحا صدر عن المجني عليه .ولا يؤثر في القصد إذا كان الجاني حسن النية ، وهذا ما أكدت عليه أحكام المحكمة العليا .لذلك ورد النص على هذه الجريمة في المادة (439) من قانون العقوبات الليبي حيث نص على صورة بسيطة لها وعدة صور مشددة للجريمة ومن بين الصور المشددة لها؛
ما ورد في (الفقرة الثانية من نص المادة 439ع )حيث نص على أن تشدد العقوبة إذا كانت طريق الصحف أو غيرها من طرق العلانية . ويأخذ حكم الصحف ( كل مواقع التواصل الاجتماعي ) التقليدية والغير تقليدية كاالفيس بوك والتويتر ، أو استعمل أي طرق من طرق العلانية أمام الجمهور كالقنوات الفضائية أو الراديو . وفيها شدد على الجاني العقوبة حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر بحيث أن الحد الأقصى للعقوبة ثلاث سنوات أي أن القانون اعتبرها جنحة ، أو غرامة تتراوح بين عشرين ومائة دينار . وبهذا تكون العقوبة تخييرية للقاضي حسب ظروف الواقعة . وباستقراء هذه الفقرة نجد أنها لا تناسب الواقع لا سيما وأن جريمة التشهير عبر مواقع التواصل الالكتروني إلى جانب أنها تمثل انتهاك للخصوصية فهي أصبح ظاهرة في مجتمعنا ، فمسرح الجريمة للتشهير في الواقع التقليدي يختلف عن التشهير عبر مواقع التواصل الالكتروني مما يسهل سعة الانتشار بشكل أوسع ، كما أن لها آثار سيئة على المجني عليه وعلى المحيطين به ، إذ لابد أن تكون العقوبة رادعة ، وبهذا نهيب بالمشرع الليبي أن يفرد نصا خاص بهذا السلوك أسوة ببقية التشريعات المقارنة العربية والغربية واضح ، وأن يورد به استثناءات على بعض ممن له حق حرية إبداء الرأي كالصحافيين باعتبار أن الصحافة تمثل مرآة المجتمع ، وأن يرد النص عليها في قانونا خاص بالجرائم الالكترونية أو المعلوماتية بما يتناسب مع الواقع بحيث يستفيد بتجارب الدول التي سبقتنا في تشريعه . فالتطور التكنولوجي يسبق القاعدة القانونية .فالقانون (5) الذي سبق أن صدر وتم إيقاف تنفيذه لا يخدم الواقع لا سيما مع المصطلحات الفضفاضة والغامضة التي تنتهك حقوق الإنسان وحرية التعبير في بعض نصوصه .