بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون.
صدر حكم محكمة الخمس الابتدائية بتاريخ (29/4/ 2024) في الدعوى المرفوعة ضد رئيس مجلس النواب ومحافظ مصرف ليبيا المركزي السابق ، بانعدام القرار الصادر عن رئيس مجلس النواب رقم (15) لسنة 2024 بشأن فرض ضريبة على النقد الأجنبي .
وتتلخص حيثيات الحكم وأسبابه فيما يلي :
الدفوع والطلبات :أولا /الطاعن : المحامي…… أهم الدفوع التي استند عليها :
أن القرار الصادر من رئيس مجلس النواب إلى جانب ما يتضمنه من ضرر حتمي صدر مخالفا للقانون من عدة أوجه:
1: صدر بشكل فردي و حيث أن القانون رقم (4) لسنة 2014(بشأن اعتماد النظام الداخلي لمجلس النواب ) والذي حدد مهام رئيس مجلس النواب بالإشراف على الجلسات واتخاذ قراراته بأغلبية الأصوات .
2: صدر مخالفا للقوانين المنظمة للتشريعات الضريبية والذي يفترض أن يكون في شكل قانون وليس قرار، لضمان استقرار الوضع المالي للدولة من ثم ينشر في الجريدة الرسمية .
3: صدر بناء على مقترح محافظ ليبيا المركزي السابق ( دون أن تكون له صفة ) فطبقا للقانون رقم (3) لسنة 2018 تم تكليف ( محمد عبد السلام شكري ) وإقالة المحافظ السابق مما يستلزم معه انعدام القرار .لانتفاء أهم أركان القرار الداري وهو ركن الاختصاص.
ثانيا / المطعون ضدهم :رئيس مجلس النواب، محافظ ليبيا المركزي السابق ،وتنوب عنهم “إدارة القضايا “، فهي تترافع عن الحكومة وكافة الهيئات والمؤسسات العامة فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى أمام المحاكم ، استنادا لنص المادة (6) من القانون رقم (87) وأهم ما دفعت به :
1: عدم توافر شرط (المصلحة) في الطاعن فهو شرط لقبول الدعوى .
2: عدم الاختصاص الولائي أو الوظيفي للمحكمة للنظر في الدعوى . وحيث أن القرار صدر من رئيس مجلس النواب إذا فالمحكمة المختصة هي المحكمة الدستورية العليا كما أن هذا القرار يعد من أعمال السيادة .
أسباب الحكم : أي ما استندت عليه المحكمة وما توصلت له من نتائج للحكم :
1: انعدام القرار لانعدام الاختصاص والمشروعية فالقرار الإداري لا يرقى لمستوى القرار المشروع إذ لابد من الجهة المخولة لذلك ،كما عرفته المحكمة العليا ” إفصاح الإدارة عن إرداتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح …….” وهذا القرار مخالف لكل القوانين اللوائح.
2: في ردها عن دفع إدارة القضايا بشأن انتفاء المصلحة للمدعي : بعد التأكد من شرط المصلحة لدى الطاعن وهو أهم شروط قبول الدعوى ، حيث أن القرار له آثار سيئة على حياة المواطنين عامة وعلى المدعي خاصة من غلاء المعيشة وعدم تلبية الاحتياجات الأساسية التي كفلها الإعلان الدستوري والمواثيق الدولية .وباعتبار أن الطاعن مقيم في البلاد فهو ضمن المتضررين من القرار.، وبهذا توافر لديه شرط المصلحة .كما أنه من حيث الموضوع قدم كل المستندات والوثائق اللازمة لدعم دفعه.
3: في الرد على (عدم الاختصاص الولائي للمحكمة)أن المحكمة بصدد نظر الدعوى هي المحكمة المختصة ، باعتبار أن ما صدر عن رئيس مجلس النواب لا يعد قانونا ولم ينشر في الجريدة الرسمية . وإنما قرار (وإن كان منعدما ). فالمحكمة الدستورية مهمتها النظر في مدى موافقة (القوانين )الصادرة من السلطة التشريعية ،والأحكام الصادرة عن المحكمة العليا المخالفة للدستور ، وبذلك يخرج من اختصاصها النظر في القرار الإداري. أما فيما يتعلق أنه من (أعمال السيادة )فإن هذا القرار يخرج عن مفهوم السيادة ، ذلك أن السيادة لا تنصرف إلا لسياسة الدولة الداخلية وعلاقاتها الخارجية …..
منطوق الحكم
لهذه الأسباب تم الحكم حضوريا بانعدام القرار الإداري رقم (15) لسنة 2024. وكافة الآثار المترتبة عليه وتحميل خاسر الدعوى بكافة المصاريف .
هذا الحكم يعزز ثقة المواطنين في عدالة القضاء ويؤكد نزاهته .
ومع ذلك باتت الحاجة ضرورية وملحة لتفعيل الدستور فلا يكفي إصدار تشريعات وتطبيقها ،بل لابد من وجود مبادئ تقيد جنوح من يملكون السلطة نحو الاستبداد . وإلا سيظل المواطن في دهاليز هذه الصراعات .