باختصار
بقلم
د. علي عاشور
قبل أيام انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صور لقرار خازن بيت مال الليبيين (محافظ مصرف ليبيا المركزي)، بشأن سحب الأوراق النقدية من الاصدارين الأول والثاني من فئة 50 دينارًا من التداول، وقد شرح هذا القرار ألية إيداع المبالغ في المصارف محدداً تلك العملية بمدة نهايتها بنهاية أغسطس من هذا العام.
وقبل ظهور القرار بشكل رسمي، سُرب خبره بين الصفحات والمواقع الإلكترونية فوصل أصحاب المحلات والدكاكين، فكانت ردود أفعال الرأي العام اتجاهه بين مصدق ومكذب وغير مهتم، بيد أن تسريب خبر القرار قبل إعلانه بأيام هو بمثابة جس لنبض الشارع الذي أصيب بالحيرة، لاسيما بعد أن أعلنت بعض المحال والدكاكين رفضها استلام هذه الفئة من الباعة والمواطنين…. بعدها ظهرت أخبار أخرى مفادها أن الجهات الأمنية تحذر أصحاب تلك المحال والدكاكين من مغبة عدم قبولهم لهذه الفئة من النقود.
ولكن ألا يعلم المصرف المركزي والقائمين عليه أن كل المصارف الليبية وآلات السحب الآلي المنتشرة في جُل المدن الليبية توزع فئة الخمسين على المواطنين المساكين الذين تطالبونهم بأن يعيدوا هذه الفئة إلى المصارف مرة أخرى؟ ألا يعلم مصرفنا المركزي أن هؤلاء الموطنين المساكين لا يستطيعون كشف الأوراق النقدية المزورة من هذه الفئة أو من غيرها؛ لأنهم ببساطة لا يعرفونها كما يعرفها رجال المال والأعمال أو من يكنزونها بمئات الآلاف؟ كيف سيعرف المواطن الغلبان الورقة المزورة إذا كانت آلات السحب الألي وماكينات عد النقود بمصارفكم لا تستطيع كشف هذا التزوير؟ رغم أنكم شرحتم وأطنبتم في شرح الفرق بين الورقتين الصحيحة والمزورة.
ألا تعلم يا خازن مال الليبيين أن ضرباتك الموجعة -إن لم تكن المميتة- لأبناء الشعب المسكين قد توالت وتقاربت بشكل كبير؟ فبعد الاطاحة بهيبة الدينار بفرض ضريبة على الدولار، تأتي بعدها بشهر لتسحب فئة الخمسين؛ بحجة أن منها ما هو مزور… فأنت تعرف يا مصرفنا المركزي أن ضحية كل هذه الاجراءات هو المواطن المسكين الذي يدفع صكاً نهاية كل شهر لسماسرة النسبة والربا؛ ليحصل على مرتبه بين يديه، أما أصحاب الأرقام من الأموال فهم من تجار كل ما هو ممنوع… المخدرات، والوقود، وعصابات تهريب البشر والقوت خارج الحدود… هؤلاء لن يؤثر فيهم ما تقوم به، فهم محصنون بحكم غياب سيادة الدولة وتخدير القانون.