أمنة الهشيك
ينظم أحكام الوصية القانون رقم (7) لسنة 1994م فقد عرف فقهاء الإسلام الوصية “بأنها عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته” ،وعرفها القانون الليبي في المادة رقم (1) “تصرف من الشخص في تركته مضاف إلى ما بعد الموت”
شرع الله الوصية لما تتضمنه من غايات نبيلة إذ أنها تمكن المكلف بها من تدارك ما فاته من أعمال البر والخير ووسيلة للإنفاق والحصول على الأجر يوم لا ينفع مال ولا بنون .
فالأصل في الوصية هو الندب والاستحباب وهذا ما استقر عليه رأي أهل السنة والجماعة، وبناء عليه فإن الوصية تقع تحت الأحكام الخمسة، فقد تكون واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة أو مباحة على حسب الظروف المحيطة بها والبواعث عليها.
متى تكون الوصية واجبة ؟ وما موقف القانون الليبي ؟
الوصية الواجبة هي جزء يخرج من مال التركة للمستحقين على سبيل الوصية بموجب القانون سواء وافق الورثة أو رفضوا ذلك، وهي لأولاد الفرع الوارث الميت في حياة أصله، بشرط ألا يكونوا ورثة في الأصل، وهي لازمة قبل تقسيم التركة. .
أما بخصوص السند الشرعي للوصية الواجبة فهو مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث، ومنهم ابن حزم فرأيه مبنى على القول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين من الأحفاد على أنه وصية واجبة بمثل نصيب أبيهم أو أمهم في حدود الثلث،استنادا لحديث الرسول ” الثلث والثلث كثير “أما أصل الوجوب قوله تعالى: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين “الآية(180)سورة البقرة.
في حين يرى بعض الفقهاء أنها تعدّ من اجتهاد علماء الشريعة في العصر الحالي، ولم يرد لها دليل صريح في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة،. ودون الخوض في الآراء والخلافات الفقهية سنكتفي بالشق القانوني؛
كان من العدالة الوصية للأحفاد الذين يموت أحد والديهم في حياة جدهم أو جدتهم ، ولا يرثون شيئا لوجود من يحجبهم عن الميراث ، فيؤول أمرهم إلى الحاجة والعوز ، وقد يكون هذا المال الموروث قد أسهم والدهم في نمائه بنصيب كبير ، في الوقت الذي يكون فيه أعمامهم في سعة من العيش فيختل توازن الأسرة ، لذلك أوجبت معظم القوانين العربية بما فيها القانون الليبي اهتداء بالشريعة الإسلامية أن يكون لهم نصيب من التركة بمقدار لا يجاوز الثلث ، وإن تباينت في تحديد المستحق لها فمنهم من شمل أولاد الظهور وإن نزلوا (أولاد الابن)، وأولاد البطون (أولاد البنت) مثل القانون المصري والتونسي والكويتي والإماراتي ومنهم من قصرها على أولاد الظهور دون أولاد البطون كالمشرع السوري والأردني والمغربي والليبي في المادة 37″من توفى وله أبناء ابن مات أبوهم قبله أو معه ، وجبت في ماله لأولاد الابن ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحدا كان أو أكثر وصية بمقدار ما كان يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض حياته إذا كان لا يزيد عن ثلث التركة فإن زاد لا يدفع لهم إلا الثلث وصية واجبة”لا نعلم الأسانيد التي استندوا عليها في تحديد المستحق لها على الابن دون البنت بالرغم من أنها أيضا لها حق في الميراث .
موقف القانون الليبي : ينظم أحكام الوصية الواجبة نصوص المواد (37 ،38، 39، 40، ) من الفصل الثالث من القانون رقم (7) لسنة 1994 م، ظلت نصوص المواد سارية التطبيق ، إلى حين صدور القانون رقم (12) لسنة 2015م الصادر عن المؤتمر الوطني ألغى كل نصوص المواد التي تنظم أحكام الوصية الواجبة ،بحيث أصبحت اختيارية. مما أدى إلى تناقض الأحكام بين المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية .
ولكن بصدور القانون رقم (1) لسنة 2020 تم إلغاء القانون رقم (12) الصادر من المؤتمر الوطني، و بتاريخ 28 : 2: 2023 بمقر المحكمة العليا بمدينة طرابلس حكمت المحكمة الدستورية العليا برفض الطعن المقدم من إدارة القضايا ،في قضية الطعن الدستوري رقم (6/61) في المواد 37، 38، 39، 40، من القانون رقم (7) بشأن أحكام الوصية الواجبة. وبالتالي قانون إلغاء الوصية الواجبة رقم (12) الصادر عن المؤتمر الوطني أصبح كأن لم يكن.
وبهذا أصبحت الوصية الواجبة بحق الأحفاد تنفذ بنص من القانون ،حتى وإن لم يوصي بها الجد في حدود الثلث ولا ينفذ ما زاد عن الثلث إلا بإجازة الورثة م (42).بشرط ألا يكونوا وارثين، فإن استحقوا ميراثًا قليلًا كان أو كثيرًا لم تجب لهم الوصية؛ لأن الوصية إنما تجب تعويضًا عما يفوتهم من الميراث، وتكون الوصية لهم في هذه الحالة. وألا يكون المتوفَّى منحهم ما يساوي الوصية الواجبة بغير عوض عن طريق تصرفٍ( كالهبة) ونحوها، فإن كان قد أعطاهم أقلَّ منها وجبت لهم وصيةٌ بما يكمل المقدار الواجب . وهذا ما نصت عليه المادة (39)”لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية واجبة إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدا كان أو جدة أو كان قد أوصى بهم أو أعطاهم في حياته ما يساوي نصيبهم فيما يستحقونه بالوصية الواجبة فإن نقص ما أوصى لهم به أو أعطاهم أقل من ذلك استوفوا ما نقص”.