منذ أكثر من عشرةِ أعوام ونحن في ليبيا ليس لدينا مصارف..
صناعة الصيرفة في العالم هي فن إدارة أموال المودعين، وغير ذلك ما يحدث في ليبيا..
صحيح لدينا مصرف الجمهورية، والوحدة، وشمال أفريقيا، والتجارة والتنمية، والصحاري، وباقي الأخوة….
ولكن، كما لو أن مكتبة بدّلت نشاطها إلى محل أحذية، وبقت لافتة المكتبة، تدخل لتبحث عن رواية لتولستوي، تجد أحذية حمام..
والحكاية بدأت عندما ظهرت فكرة، وجود مصارف تنطق بالشهادتين، وأخرى مُشركة، وتحولت المصارف إلى شبابيك لصرف المرتبات، أو صناديق مالية..
وأصبحت في قاموسنا المصرفي مفردات كالمرابحة، وكائنات غريبة أخرى..
واكتشف المواطن أنه في مصارف الذبح الإسلامي، يُذبح مرتين..
فللحصول على سُلفة، يمكن أن تذهب لتاجر مواد بناء، ليشتري لك المصرف حديد تسليح ويبيعك إياه..
يربح تاجر مواد البناء مرتين، والمصرف مرتين، وتخسر أنت في كل مرة..
ولهذا السبب لجأ الناس إلى الصيرفة البدائية، أو ما يعرف بالجمعيات، لتمويل مناسباتهم ومشترياتهم..
أما المصارف فقد تفرغت لتوزيع المرتبات، وبيع النقد الأجنبي، وبعض اللخبطات..
وهكذا تخلت المصارف عن واجبها كجندي في معركة التنمية، وخلعت ملابس الشغل لترتدي البدلة ورباط العنق، وتدخن الأرجيلة، وتفتح اعتمادات توريد الأرز، والحفاظات، والبطاطا، وغيرها..
لا يمكن أن نُحدث نهضة تنمية، ونُعدد مصادر الدخل، ولدينا مصارف تغرد خارج التنمية…!!