كشف تحقيق، أجرته هيئة الإذاعة الإستونية، وصول كميات كبيرة من العملات المسروقة من مصرف ليبيا المركزي بنغازي إلى إستونيا.
التحقيق سرد تفاصيل سرقة مئات الملايين من العملة الأجنبية والمحلية من المركزي فرع بنغازي منذ سبع سنوات، بعضها انتهى به الأمر بشبكة لغسل الأموال في إستونيا.
واوضح التحقيق أن العملات النقدية التي كشف عنها هي عملات طلب المركزي طباعتها في 2010 من البنك المركزي الألماني بقيمة 150 مليون يورو من فئات 100 و200 يورو، وهي المبالغ التي يعتقد أنها تعرضت للسرقة من خزينة المصرف المركزي في بنغازي عام 2017، حسب تقرير لخبراء الأمم المتحدة.
الخبير في شؤون الشرق الأوسط، بيتر رودسيك، اشار إلى وصف تقرير لخبراء الأمم المتحدة كيف جرى اقتحام خزينة المصرف المركزي في بنغازي العام 2017، والاستيلاء على محتوياتها التي قدرت بأكثر من 639 مليون دينار و159 مليون يورو و1.9 مليون دولار، بالإضافة إلى 5869 عملة فضية بقيمة 500 مليون يورو مضيفا بأن فريق خبراء الأمم المتحدة قدم وصفا تفصيليا لهذه الحادثة ما اعتبر بمنزلة سرقة.
التحقيق اشار إلى أنه قبل السرقة، أو خلالها، تعرضت نصف الأوراق النقدية للتلف بطريقة غريبة جدا قال عنها رئيس مكتب مكافحة غسل الأموال في إستونيا، ماتيس ميكر انه من المحتمل أن تكون قد تعرضت لأضرار في فرع بنغازي عندما غمرت المياه الخزائن.
من جانبه يقول رئيس قسم النقد والبنية التحتية في بنك إستونيا رايت روزفي: انها بالتأكيد لم تكن مياه صنبور أو مياه شرب، ولم تكن مياه أمطار أيضا. هذا واضح تماما. لقد كانت مياها ملوثة بيولوجيًا، مضيفا، كان هناك فائض من مياه الصرف الصحي، مما يعني غمر العملات النقدية بالمياه الملوثة بالفضلات».
التحقيق كشف ان هذه العملات النقدية الملوثة وجدت طريقها من ليبيا إلى إستونيا، حيث خضعت لعمليات غسل أموال هناك.
وبين التحقيق إن نحو 80 مليون من الأموال المسروقة تعرضت لأضرار بالغة بحيث لا يمكن إنفاقها بالطرق المعتادة، في حين جرى إنفاق الجزء الأكبر من المسروقات على المجهود الحربي أو نفقات الرفاهية مشيرا الى انه في العام 2018، كانت هناك محاولات لنقل هذا النقد التالف إلى تركيا، حيث جرى نقله على دفعات عدة، وجرت محاولات لتبديله.
ويوضح رودسيك: من خلال تركيا، ثم إلى أوروبا، هكذا بدأت الأموال في التحرك خارج ليبيا، وبدأت عملية غسل الأموال. يبدو لنا أنها ليست فقط المافيا التركية، لكن الروسية أيضا كانت متورطة في تبديل النقد التالف المسروق من ليبيا».
بيانات الشرطة في إستونيا بينت أن الشبكة الإجرامية المتورطة باعت الأوراق النقدية بنحو نصف قيمتها، حسب حالتها، لذلك بدأت فئات محددة وتالفة تظهر في التداول بدول مثل فرنسا وبلجيكا.
مكتب مكافحة غسل الأموال الإستوني يقول ان السرقة وقعت في ليبيا بالعام 2017، وفي العام 2018 ظهرت الدلائل الأولى على وجود هذا النقد في نظامنا المالي والمصرفي .. موضحا: كانت الأوراق النقدية الأقل ضررًا، على سبيل المثال، يجرى دفعها في المتاجر العادية أو محطات الوقود، وتلك التي يمكن إيداعها داخل ماكينة الصراف الآلي جرى وضعها بالفعل في حساب ماكينة الصراف الآلي، ثم بعد بضع دقائق جرى سحب القيمة نفسها من الأوراق النقدية بقيمة 50 يورو، مما أدى إلى غسل الأموال بشكل حرفي تقريبًا، وهكذا وصلت إلى إستونيا.
وظلت القناة الرئيسية لتبديل العملات التالفة، حسب التحقيق، هي بنك إستونيا، لأنه يقدم بشكل رسمي خدمة استبدال الأوراق النقدية التالفة.
وفي العام 2019، أصدرت وكالة الاتحاد الأوروبية لإنفاذ القانون (يوروبول) إشعارا يحث البنوك المركزية على الاحتفاظ بالأوراق النقدية التالفة التي يزعم أنها سرقت من ليبيا بدلا من استبدالها.
مع ذلك، لم يقر أي طرف في ليبيا بشكل رسمي بسرقة خزينة المصرف المركزي في بنغازي بالعام 2017. وقال ميكر، من مكتب مكافحة غسل الأموال الإستوني: «حاولنا التواصل مع الأطراف هناك، لكن لم نحصل على أي رد».
واكد بنك إستونيا خلال التحقيق أنه خلال السنوات الماضية كانت هناك أكثر من 50 قضية تتعلق بأموال مسروقة من ليبيا.