منصة الصباح

شهر رمضان … والتسول

 د. علي عاشور

نعي جميعاً أن شهر رمضان موسم تتضاعف فيه الحسنات، سواء كانت أفعالاً أم أقوالاً… لهذا يبادر المؤمن الصائم باغتنام هذا الشهر في كل ما يكسبه المزيد من الحسنات، فتراه يجتهد في قراءة القرآن من المصحف، ويصلي التراويح، ويصل رحمه، ويتجاوز عن الذين يسيئون له مردداً: “اللهم إني صائم”، ويتصدق على الفقراء والمحتاجين… وغيرها من الأعمال الجالبة للدرجات في هذه الأيام المباركات.

ولكن ألا تلاحظوا معي أن عدد المتسولين قد ازداد مع انطلاق شهر رمضان المبارك؟، قد لا تجد مطباً طرقياً إلا وفيه عدد من المتسولات، أما المساجد فلا يمكن أن تخرج منها دون أن يقابلك عدد من المتسولين نساءً وأطفالاً يصيحون بصوت عال بعبارات الاستجداء والدعاء، واصفين حالتهم الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية وظروف معيشتهم القاسية… حاملين وصفات طبية أو جوازات سفر أو أرقاماً وطنية…

الغريب الذي أصبح مستساغاً عند أغلبنا هو أن جُل المتسولين رجالاً أو نساءً والذين هم فوق الثامنة عشر قادرين على العمل، حيث نجد أن قدرتهم البدنية تتيح لهم العمل في أي حرفة أو مهنة بدلاً من التسول، الذي يذل كرامتهم ويطيح بعزّة النفس لديهم.

أما اليوم فقد ظهر ما يمكن تسميته بالتسول الإلكتروني، إذ يستخدم المتسول أحد مواقع التواصل الاجتماعي بإرسال رسالة لمن يحدده من رواد ذاك الموقع، فيطلب منه المال، ذاكراً له حالته الصحية السيئة والاقتصادية الصعبة، بل إن منهم من يتصل بالمستهدف اتصالاً عبر تقنية الفيديو؛ ليقنعه بأنه شخص حقيقي، فيظهر بمظهر الفقير في ملبسه ومسكنه، بل إن منهم من يظهر الأطفال أو كبار السن معه أثناء الاتصال؛ ليحرك مشاعر وعواطف المستهدف، والذي قد يوقعه في فخ الإحسان، الذي سيكتشفه بعد فوات الأوان.

فالحذر كل الحذر من المتسولين أياً كانت طريقتهم تقليدية أو إلكترونية، بل يجب أن يتعاون المواطن مع الجهات الأمنية المختصة للحد من هذه الظاهرة التي تشوه مجتمعنا، أما من يريد التصدق فليذهب إلى الجهات التي حددتها الدولة لاستقبال التبرعات أياً كان نوعها، أو للجمعيات الخيرية المعتمدة، فكن حريصاً على أن تصل الصدقات إلى مستحقيها من أبناء الفقراء والمساكين والمحتاجين والأيتام والأرامل….

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …