منصة الصباح

نقطة نظام.. من يفسد حديقة الشعراء ؟!

هل كان « آرثوررامبر » شاعراً افريقيا ، تشكلت عبقريته الشعرية من خلال اقامته الطويلة في  «جيبوتي» و «عدن» و«هرر» وغيرها من مدن القرن الافريقي أم انه كان شاعراً فرنسيالمجرد انه كان يصوغ تجربته الشعرية ذات النكهة الافريقية باللغة الفرنسية.؟

في كتابه «رامبروزمن» القتلة «يجيب هنري ميللر» عن هذا السؤال حين يطرح علينا مشكلا بريداً الكتابة السيرة بتقديم مثال لنوع من الكتابة عن الذات من خلال الآخر لقد لعب « رامبو» في كتاب « ميلر » دور ضمير الغائب . وكان ميلر ورامبو قد عاشا فترة من التشرد الروحي والجسدي وكلاهما جرب النبذ والتخلي واليتم الاجتماعي ، وهكذا فإن « ميلر » من خلال « رامبو »يقدم بما يشبه تصفية الحسابات مع المجتمع ومسقط الرأس يقول « ماض احد كره مسقط رأسه مثل « رامبو »ومثلي !! ومن يعود الي رسائل « رامبو » وملاحظاته التي كتبها من « جيبوتي » يجد سجلا لهذه الكراهية اما « ميلر» فاعماله هجائيات كبرى فاضحة لامريكا برمتها وليس لمسقط رأسه فحسب.

يقول « ميلر » في روايته « عملاق ماروسي » « إن الغرباء الذين يحملون بالذهاب الي امريكا لا يعزمون عدد الملايين العاطلين عن العمل ولا يعرفون البؤس والفراغ الذي يتمرغ فيه الامريكيون يقول هذا في حديثه مع عدد من الطلبة الاتراك والعرب الذين يعتقدون بأن السعادة هي في الحصول على مجوهرات للتكنولوجيا الامريكية .. هذه المجوهرات التي يقول « ميلر » انه قادر على الحصول سعادته الخاصة بدونها و« ميار» يلعن امريكا في كل مؤلفاته ويقول انها مثال للمدنية التي تصلب فرايين الحضارة

في احدى رسائل رامبو «يناير 1888 م من عدن كتب يقول : « كل الحكومات جاءت لتبتلع الملايين على هذه السواحل الحزينة حيث يظل اهل البلاد شهوراً بدون غذاء ولا ماء تحت اقسى مناخ في الارض ، وكل هذه الملايين الملقاة في احشاء البدو ولم تحمل الا الحروب والكوارث من كل نوع .. سنجد شيئاً كهذا يتكرر في كتابات « ميلر » عن بلاده امريكا :« الجو الاجتماعي وسرقة ثرواث الآخرين والانانية المجنونة التي يحتل الآخرين الي وقود .

اذا تطلب الأمر حين نجد « ميلر » يتحدث بحنو بالغ عن تؤامه الفرنسي : أي مسخرة في ان يجلس الشاب المتوجد الهارب مبسوط الذراعين وهو ينظر الي الدول الكبرى تفسد حديقته ، هو ايضا رأي وما يزال يرى دولته الكبرى يفسد حديقة العالم .

إن الخراب الضروري الذي دعا اليه « رامبو » وتنباه من بعده ميلر يصبح مقدساً اذا قورن بالخراب غير الضروري الذي تمارس الدول الكبرى ضد سكان الارض بعد ذلك كله يمكن لنا ان نجد اجابة عن سؤال البداية وهو أن رامبو كان شاعراً افريقيا يكتب بالفرنسية وربما هو اكثر افريقية من شعراء افارقة كبار كانت افريقيا بالنسبة لهم مجرد مسقط رأس ؟!

بقلم/فوزي البشتي

شاهد أيضاً

المنفي يبحث عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بطرابلس

  ناقش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بالعاصمة طرابلس. جاء …