” أجمل الأيام تلك لم تأت بعد” قالها الشاعر ناظم حكمت ذات أمل ، ونردها نحن ذات ألم ، لعلنا نستقوي بها على كل هذا المحبط في حياتنا .
هل باتت أحلامنا عبء ثقيل علينا؟
سؤال أكثر من قاسي في زمن أكثر من صعب، يضاف إلى رياح الأسئلة التي تعصف بنا .
فكم تطلعنا إلى وطن يتسع إلى أحلامنا الكبيرة، والشاهقة؟
وكم رددنا ليبيا قبيلة واحدة ، حتى رحنا نسأل أنفسنا، لماذا لانكون في كتيب عائلة واحد؟
ولكن كان الواقع في كل مرة يزرع غابات المرارة في حلوقنا .
وكان الراهن في كل مرة يمد خواء الصحراء في قلوبنا .
صرنا أكثر عدواة لأنفسنا من كل الأعداء ، وخسرنا الكثير من الدم ، والكثير من الممتلكات ، والكثير من الوقت .
لقد تحطمت أمالنا العريضة في دولة مدنية تتعزز فيها المواطنة ، والتنوع الخلاق علي مثلث الغنيمة والقبيلة والعقيدة .
وتحول الوطن للكثيرين من مغرم إلى مغنم ، وصاروا يتعاملون معه كما لو أنه تركة مجهولة الصاحب .
وتحولت القبيلة التي يفترض أن تكون الحارس الأمين على الفضيلة ، إلى محمية للخارجين عن القانون ، وساهمت في تآكل هيبة الدول ، والنفاذ من القانون .
أما الترابط المجتمعي الذي كنا نراه أكثر متانة، وأكثر عمقا، ظهر كأكثر هشاشة، وتبدلت العلاقات الودية إلى سواتر ترابية ، ومدافع رشاشة ، وراجمات صواريخ .
حتي المصالحات الاجتماعية التي كنا نتصورها خطوة مهمة في ترميم المتصدع، والمتشظي، لم تكن إلا خدع بصرية ، واتفاقيات هدنة، وفك اشتباك ، سرعان ما تنهار مع أول رصاصة طائشة تخرج بالخطأ.
وفي كل مرة نغفل السؤال المهم :
– إلى أين نحن نمضي؟
بقلم عبدالرزاق الداهش