بعد ساعات من بث أولى حلقاته، عبر منصة نتفليكس، بدأ الحديث عنه ولم يتوقف حتى اللحظة.
مسلسل “الدولة العميقة” الكويتي، هو المسلسل الذي نحكي عنه، للمخرج سعيد الماروق، كتابة فيصل البلوشي، بطولة سعد الفرج وفيصل العميري، جاسم النبهان، خالد البريكي، يعقوب عبدالله، طهران أغيلار، فهد عبد المحسن، بشار الشطي، بيبي ناصري، خالد المظفر، روان بن حسين، عبدالله البلوشي، وغيرهم من النجوم.
تبدأ الحلقة الأولى، مع مشهد لطيار حربي، يفقد السيطرة على طائرته، وتسقط بعدها في عرض البحر، وتنتهي حياته، لتبدأ بعدها سلسلة أحداث تضع المشاهدين في قلب الحدث، وهو حدث سياسي “جريء” لم نعتد عليه عربيًا إلا عبر الدراما السورية سابقًا والآن عبر الدراما الكويتية، التي يبدو بأنها أخدت خطوات ثابتة نحو استعادة موقعها عربيًا على المستوى الدرامي.
يواجه الفنان فيصل العميري “الوزير عدنان” بعد تحطم الطائرة، هجوم كبير على منصات التواصل الاجتماعي والأهم من بعض الأصوات المعارضة داخل مجلس الأمة الكويتي، لكونه الوزير المسؤول عن صفقات الطائرات بحكم منصبه وتخصصه، لتتوالى الأحداث بعدها بشكل متسارع، في مشاهد درامية تمت عملية إخراجها بطريقة “الاكشن” والإبهار البصري الملفت للنظر.
فكرة المسلسل، فكرة “ذكية” تُحاكي واقع مجتمعاتنا وتتصالح معه، في منحه جرعة إضافية في فتح ملفات الفساد والنهب، ليس في الكويت فحسب، بل حتى خارجه. وهذا النوع من الأعمال الدرامية، أصبح أكثر أهمية منذ سنوات، نتيجة للأوضاع السياسية والأمنية التي تعيشها المنطقة كلها.
ظهور مسلسل خليجي بهذا المستوى المتفوق عن أي مستوى سابق، هو ظهور مهمّ، نظرًا لحساسية طبيعة الخليج بشكل عام، وطبيعة تعامله مع قضايا شائكة وخطيرة، وعندما نقول بأن العمل مهم، يعني أن العمل أنتجته دولة مستقرة ولا تعاني أزمات “ربيع الثورات”، وأن صُنّاع الدراما في الكويت، فتحوا باب المنافسة الآن، لباقي دول الخليج. وربما بقية الدول التي مازالت تتعامل مع قضايا الفساد بخجل وخوف من الرقابة أو المسائلة القانونية.
ولأننا فتحنا هذا الملف الشائك، فإن مسلسل “الدولة العميقة” لم يغفل هذه الجزئية، لأنه أدرج إخلاء المسؤولية القانونية، في تنويههِ المدرج مع كل حلقة من حلقات العمل: “قصة وأحداث هذا المسلسل من وحي الخيال وليس لها علاقة بالواقع مطلقا وأي تشابه في الأحداث أو الشخصيات أو الأسماء إن وجد فهو من قبيل الصدفة لا أكثر”.
وإن بحثنا عن مصطلح يُشخّص هذا النوع من الدراما، فيُمكن تسميتها ب”دراما مكافحة الفساد” إن صحت التسمية.
هذه الجرعة العالية من الجرأة، تتطلب قرارات سياسية تسبقها الشجاعة الأخلاقية، وهذا كله ليس لأجل الدراما فقط، بل لأجل ما تبحث عنه أي دولة، وهو فتح سوق جديد يمنح الدولة أرباحًا على مدار العام.
لم تعد الدراما كما نعتقد من قبل، أحداث وأبطال والخير ينتصر في الحلقة الأخيرة، بل تغيرت جذريًا، وهذا التغيّر سببه الانفتاح على عوالم الدراما خارج منطقتنا، وما ينتظره المشاهد العربي بالدرجة الأولى، في سجن رئيس حكومة أو وزير أو نائب في البرلمان أو رئيس البرلمان، في فتح ملفات الفساد وتسليط الضوء على كواليس الحكم، ومن يسيطر على من؟ بالطبع هذه العوامل تحتاج لرؤية متقدمة معرفيًا بالدرجة الأولى، يفهم تمامًا نبض الشارع ويُترجم هذا الفهم “دراميًا” بطريقة توحي بأن أصحاب القرار أنفسهم، يدعمون هذا النوع من الدراما، وهم من يقدّمون كل التسهيلات للإنتاج المتعدد للشركات، للمخرجين، للفنانين والفنانات، بفتح باب لمن يملك الفكرة، لمن لديه التجديد، لمن يملك رؤية ثاقبة فنيًا، ولا يتراجع عن مشروعه.