باختصار
بقلم / د. علي عاشور
المتجول في مدارسنا العامة، ومشاهدة تلاميذها في طريق مغادرتهم لها سيلاحظ – دون شك – أن هناك مشكلة حقيقية في تصرفات بعض هؤلاء التلاميذ الذين كانوا في كنف مدرسة بها معلمين ومعلمات أُشترط في توظيفهم أن يكونوا من حاملي شهادة تربوية، كما نجد مقاعد المدارس متهالكة بفعل من يجلس عليها لا بفعل الزمن أو عابر سبيل، ناهيك عن تصرفات تلاميذنا داخل تلك المدارس العمومية، فتجد الواحد منهم -وهو لم يتعدى سن العاشرة بعد- كالأسد الشرس داخل الفصل، ناهيك على أن موهبته في التعبير والرسم التشكيلي لا تظهر إلا على جدران فصله الذي اتخذه براحاً ليعبر فيه وبكل حرية عن ابداعه الفني الغزير، زد على ذلك أن خبرته الكبيرة في الفنون القتالية ضد زملائه والتي أخذها عن أبطال الديجتال، في غياب واضح لدور الوالدين في البيت والتربويين في المدرسة، بينما لو زرت التلميذ نفسه في المنزل لوجدته كالفراشة في هدوءه وحركاته، فلا تسمع له صوت ولا تشاهد له حركة مريبة لاسيما وهو يمر بجانب الأثاث والتحف مختلفة الأشكال والأحجام.
والشيء نفسه يحدث إذا ما قارنا تصرفات تلاميذ مدارسنا العمومية بزملائهم بالمدارس الخاصة، سنجد الفرق–وبنسبة لا بأس بها-، بين الاثنين، سنجد المقاعد والجدران النظيفة…، أما عن تصرفات تلميذ المدارس الخاصة وسلوكهم فكأنما يعيشون في دولة غير التي نعيش.
ولا أعرف تفسيراً لوجود هذا التناقض التربوي -إن جاز لي تسميته- إلا أن وزارتنا التي تتخذ من التربية والتعليم اسماً لها غير قادرة على تفعيل مهمتها الأولى واكتفت فقط بالثانية، رغم أن وجود التربية قبل التعليم في اسم الوزارة لم يضعه الخبراء عبتاً…. في تجسيد واقعي لقول شعبي معروف (رزق حكومة ربي يدومه).
رغم أن الحكومة لم تدخر جهداً في طباعة الكتب التي ترسخ قيم المواطنة، من حب للوطن والدفاع عليه، والمحافظة على مقدراته…. إلخ، إلا أن وزارة تعليمها بما فيها من معلمين ومعلمات لم تستطع غرس تلك القيم في ثقافة تلاميذها، فلم نر ما في تلك المناهج من قيم قد انعكس على سلوك التلاميذ على الأقل في تعاملهم مع محتويات المدرسة التي يدرسون فيها.