الصباح-وكالات
مع وصول المعارك حول العاصمة الليبية طرابلس إلى شهرها التاسع أصبح جلياً أن معاناة ساكني المدينة تزداد يوماً بعد آخر، بسبب القصفٍ العنيف الذي تتعرض له وما يليه من تهجيرٍ قسريٍ، أحال حياة الناس في طرابلس إلى كابوس حقيقي.
تسعة أشهر من القتال حولت أحياء كاملة إلى أنقاض ، ودفع بسكانها إلى النزوح ، وفي كل يوم تطالعنا المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية عن أرقام مفزعة – تتزايد باضطراد – عن عائلات نزحت من منازلها، وأصبحت تقيم إمّا في مساكن مستأجرة، أو داخل مراكز للإيواء، وفي بيوت المبيت الجامعي.
رحلة من المعاناة بدأت أول شهر أبريل الماضي من المناطق التي شهدت – وماتزال معارك إلى أخرى أكثر أمناً، هرباً من جحيم الحرب المستعرة، ولا يعرف الليبيون إلى ماذا ستؤول إليه نتائج هذه الحرب.
وأكثر ما يشغل بال الجميع في طرابلس – حكومة ومواطنين – عدد النازحين الذي ارتفع إلى 200 ألف على حسب تقرير المنظمة الدولية لشؤون النازحين أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن ، يعيشون في ظروف صعبة، وفي أوضاع اجتماعية ونفسية سيئة للغاية.
معاناة هؤلاء النازحين تزداد مع دخول فصل الشتاء وهطول الأمطار وزيادة برودة الطقس داخل مناطق الإيواء الحكومية والمدارس، حيث يشتكي بعضهم أن مقرات إقامتهم تفتقر لأدنى مقومات المعيشة
العدوان الذي تشهده العاصمة بغية السيطرة عليها وإجهاض العملية السياسة التي بدأت في الصخرات قبل أربع سنوات خلف بجانب النازحين 635 قتيلا، وأكثر من 3550 جريح، كما وضع حكومة الوفاق المعترف بها دولياً أمام تحديات كبيرة، لتوفير المساعدات المطلوبة للنازحين، منها الاحتياجات الغذائية اليومية ووجود الأسر في أماكن غير مهيئة للسكن كالمدارس والمباني التي لم تكتمل إلى حد الآن، إضافةً للرعاية الصحية وخصوصاً كبار السن الذين يعانون من الأمراض المزمنة وتوفير الأدوية لهم وتقديم الدعم النفسي للنازحين بعد خروجهم من منازلهم في لحظات صعبة و ظروف قاسية.
وكان مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، قد كشف خلال إحاطته في أكتوبر الماضي، أن حرب العاصمة نتج عنها فرار أكثر من 128 ألفًا من ديارهم، مشيرًا إلى أن هناك 135 ألف مدني مازالوا عالقين في المناطق التي تشكل الخطوط الأمامية للقتال، إضافة إلى 270 ألفًا آخرين يعيشون في المناطق المتضررة بشكل مباشر من الحرب، وأضاف أن النزاع المستمر في ليبيا تسبب في وقوع خسائر فادحة بين المدنيين، وفي ظل عدم وجود حل عسكرى تواصل الأمم المتحدة دعوتها لوقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات، يتفاوت تضرر النساء من الآثار الأوسع نطاقاً للنزاع المسلح في ليبيا، مما يفاقم من جعلهن عرضة للفقر والتمييز والعنف.
وأضاف سلامة: الغارات الجوية السبب الرئيسي للخسائر في صفوف المدنيين والتي بلغت 394 ضحية (182 حالة وفاة و 202 جريحاً)، يليها القتال البري والعبوات الناسفة وعمليات الاختطاف،حيث رصدت منظمة الصحة العالمية 61 حالة اعتداء مرتبط بالنزاع على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها، في زيادة بلغت 69% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.
وقد أضرت هذه الاعتداءات بـ18 مرفقاً صحياً و20 سيارة إسعاف و40 موظفاً من العاملين في المجال الصحي.
وإلى الآن فشلت كل المفاوضات والمبادرات والمحاولات الدولية والإقليمية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ اندلاع الحرب على العاصمة في الرابع من أبريل الماضي، وتدخُّل بعض الدول الغربية والعربية بحجة الحفاظ على أرواح الليبيين وممتلكاتهم.
وقتلت الحرب مئات الأشخاص وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، رغم أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى الحقيقي قد يبلغ أكثر.
السيد يوسف جلالة وزير شؤون النازحين والمهجرين صرح لوسائل إعلامية سابقاً أن : « الهيئات واللجان المكلفة من قبل المجلس الرئاسي تدرس إنشاء مجمعات سكنية للنازحين إذا استمرت الحرب على طرابلس.
وأضاف جلالة أن “أغلب النازحين موجودون حاليا في المدارس والمعاهد والمبيت الجامعي، وندرس إخلاء هذه المقرات وإتاحة الفرصة للطلبة للرجوع إلى مدارسهم عند بداية العام الدراسي الجديد.
وأوضح أن حكومة الوفاق منحت منذ بداية الأزمة 120 مليون دينار إلى 64 بلدية في المنطقة الغربية لمساعدة النازحين، مشيرا إلى أن الجهات المختصة تسعى للحصول على 100 مليون دينار للمنطقتين الشرقية والجنوبية.
وبعد أن جعلت الظروف التي تمر بها طرابلس – جراء العدوان عليها – البحث عن مأوي مطلباً ضرورياً وحاجة ماسة تتبادر أسئلة عديدة إلى ذهن كل مراقب .. أين يذهب النازح؟ وإلى من يلجأ؟ بعد أن ضاقت الدنيا بما رحبت، ولم يعد هناك مكان ومجالاً للصبر، ورافقت حركات النزوح تلك ارتفاع بالأسعار في الأسواق فضلًا عن ارتفاع إيجارات المنازل، مما زاد الامر سوء كما ندرة وجود منزل فارغ بسبب تزايد الطلب في الأشهر الماضية، ومعاناة تضاف لهم يصل أسعار إيجارات العقارات في العاصمة إلى أرقام خيالية، وتتراوح بين 1500 و2000 دينار وما فوق، ويختلف السعر باختلاف مساحة السكن وإن كانت مفروشة أم لا، كما تخضع تلك العقارات المراد تأجيرها لتحكم وسلطة صاحب العقار الذي يفرض الشروط على المستأجر وفق مزاجه دون أي اعتبار لحالة النازح أو المهجر.