التعليم
ـــــــــــــــــــــ
الكاتب / الأستاذ عبد الرزاق الداهش
من بين مئة وأربعين بلدا صنفها تقرير التنافسية العالمية حسب مؤشر جودة التعليم ،لم تأت ليبيا حتى في المرتبة الأخيرة .
السؤال: كيف تكون ليبيا التي تتبنى المنهج السنغافوري خارج التصنيف ،بينما تجيء سنغافورة في ترتيبه الأول، وفي أسوأ الظروف الثاني.
والسؤال أيضا: لماذا يشكل هبوط ليبيا في تصنيف اتحاد الفيفا كارثة وطنية، بينما الخروج من تصنيف جودة التعليم لا يطرح علينا حتى سؤال غير مستفز، عن المدرسة في ليبيا كمنطقة منكوبة؟
حالة التعليم لا تحتاج إلى تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، تحتاج فقط إلى سؤال عادي: (لماذا يتقدمون ولماذا نتخلف) ؟
الأمريكيون لم يضعوا أيديهم على رؤوسهم عندما أرسل الروس قبل نصف قرن ،أول قمر صناعي إلى الفضاء. بل كانوا قد وضعوا أيديهم على التعليم، تحت عنوان: (لو كانت مناهجنا أفضل لما كانوا سبقونا) .
لقد تشكلت لجنة أزمة من نخبة الذهن الأمريكي، لفتح دوسيه التعليم، وانتهت بتقريرها الصادم (أمة في خطر).
اللجنة لخصت حجم خطورة تدني التحصيل العلمي على الأمن القومي في أقل من سطرين :
“لو أن قوة أجنبية معادية حاولت أن تفرض على أمريكا هذا الأداء التعليمي الضعيف ،لأخذنا ذلك كعمل من أعمال الحرب” .
الانجليز لم ينتظروا نهاية الحرب الكونية الثانية للشروع في إعادة تعمير المؤسسة المدرسية، فقد دخل خبراء التعليم إلى ورش التفكير مدججين بأسئلتهم قبل أن يخرج جنرالات الجيش من غرف العمليات، وقد خلعوا بزاتهم العسكرية .. فإعادة بناء التعليم ،تسبق إعادة بناء المدن.
ماليزيا التي لم يبلغ فريقها القومي لكرة القدم حتى نهائيات كأس أسيا، وصلت إلى نادي كبار منتجي التكنولوجيا في العالم بعدما اكتشفت أن أهم الموارد هي هذه التي في الرأس، وليست تلك التي تحت مشط القدم .
لقد أدرك الماليزيين أن التخلف ليس قدرا سماويا ،وأن الكود السري للخروج من الكهوف إلى السماوات المفتوحة ،هو الجنرال تعليم .
ليس الماليزيون فقط اهتدوا إلى المدرس كأفضل قطار للصناعة التقدم، هناك سنغافورة، واليابان، وشعوب أخرى ليس تحت أقدامها إلا احذيتها، بينما يبقى الكنغوليين حفاة وتحت أقدامهم كل كنوز الجغرافيا.
ولكن لنسأل أنفسنا هل صار تعليمنا تمام التمام، نسبة تحصيل عالية، وجودة تعليم متميزة، ومخرجات تحقق القيمة المضافة،
فهل نحن على دراية بأن هناك أكثر من نصف مليون معلم، وهذا الرقم لا يوجد في دول عدد سكانها 30 مليون نسمة، ومع ذلك فإن نسبة التحصيل، لا تذكر، ومعدل الجودة مخجل؟
وهل نحن على دراية بأن تضخم عدد العاملين في أي قطاع، هو عبء ثقيل، ولا يعزز إلا ثقافة الاتكالية؟
وهل نحن على دراية بان معلم لكل تسعة طلاب هي النسبة الأقل في العالم، وربما لا تتوفر إلا في فنلندا، بينما تصل النسبة في ليبيا إلى معلم لكل ثلاثة فقط.
وهل نحن على درية لما يقوله خبراء التعليم، بأنه لا يوجد تلميذ فاشل، إنما هناك معلم فاشل.
وأهم من كل ذلك هل نحن على دراية، بأن المعلمين في ليبيا لا يعلمون أبناء دولة معادية، بل هم أولادهم، وبناتهم، وأن كل دقيقة تمر دون أن نستثمرها في التعليم، هي خسارة فادحة، ونزيف صعب؟
عندما نتكلم عن التعليم، نتكلم عن صناعة الغد، نتكلم عن طبيب ماهر، نتكلم عن مهندس مؤهل، نتكلم عن اقتصادي ذات كفاءة، نتكلم عن وطن هو لأولادي وأولادك.