منصة الصباح

“١ مارس، غُرباء اللّيل الطّوِيل”

يَارا جميل حمادة

– يتعبُ الجسَد حتى يشعُر المَرء أن ليس هُناك روحاً بِداخله، روحاً تحمِل في قلبها كل الذين تُحِبهم، اللّيل أصبح عِبئاً كبيراً  علينا نحن الذين نحب الليل أكثر من أي وقت، نُخبِره كل صغيرة وعَابِرة؛ نحكي له عن مُعَاناتِنا، نبكي أمامَهُ على وسَائِدنا، ونكتُب في حضُورِه القصَائِد لِلمُحبين والمجروحين والمُتأَلِّمة قُلوبهم، لِيذهبَ لَيلُنا البائِس بعد ذلك يشتكي للنُّجوم ويَحكِي لهم عن ظَمأَنا، فَيبعَثُ الفَضاء رائحة العَالِقين في الذاكرة، وتتّخِذ النجوم شكلُ أشخاصِنا الذين نَشتاقُهم، فنبكي بِحُرقة مع كل نظرة ننظُرها لِنجمة معينة بِلا وَعي ونرى فيها أحبابنا، نحن دُمية ليلٍ ضَجِر، وحِبالنا في يدِ الليلِ المَملُول! حبالنا في يد الليل الصّامت، يَشُدّنا يميناً، يساراً، يَثُور ويغضب، ويرمي بنا من قِمة القاع، حيثُ لا قاع أكثر، تُرى لماذا يفعل الليل بنا كل هذا؟

– في الليل تَرى وجوه الغُرباء.. ألفُ غزالٍ شريدٍ في مخيلتك، وحَنين غريب لكل ما هُو حيٌّ فيك وإن مات خارجك، الليل طويل هنا أيضاً، طويل جداً كفترات حكم رُؤسائنا تماماً.

كل شيء نُحبّه بعُمق يرحل، كأن القلوب لم تكن يوماً ملكاً لِأحد، كأننا نَخطوا في هذه الأرض ونجولُ فيها عبثاً باحثين عن طعام ومسكن يأوينا فقط، والقلوب! من يأوي قُلوبِنا من بردها القَارِص ويحميها من شتاء أحزانها !

كل شيء نحبه أصبح ينفُر منا بصورة سُرعتها مُرِيعة، كأن لا شَيء بات يَحتمِل عُمق الشعور، وأصبحت تغزونا السطحية حتى وصلت عنان السماء!

– الليل ؛ ما عاد يستمع لكَ كما السّابق، وكأنه يغلقُ أذنيه من صوت أَنينِ أوجاعك وشَكواك، محاولاً الهرب بسرعة، ليمنع عليك رائحة الفضاء المُعبِّقة فيكَ، ويتركُك تموتُ اختناقاً، ويُطفئ ضوء حُبَيباته اللَّامعة، ويُغلق صَوت ضوضَائِه الصَّامت، يَلمّ متاعهُ من السماء، ويُخفي النجوم، ويُخَبّئ القمر، يحمل لهفَته للخَلاص، فيرحَل .

وتنامُ أنت . .

 

شاهد أيضاً

اعتماد تصميم طوابع بريدية خاصة بوزارة الثقافة

اعتمد اليوم الخميس، تصميم طوابع بريدية خاصة بوزارة الثقافة والتنمية المعرفية “مواقع ليبية على قائمة …