قهوة الصباح
————
بقلم: د . المهدي الخماس
لاشك في أن صحة المواطن لها علاقة بالإقتصاد والتعليم. المريض لايستطيع العمل ولايستطيع التعلم، معلومة لاتحتاج إثبات ولاتحتاج ذكاء لفهمها. وعليه وزارة الصحة وهي المالكة للمنظومة الصحية علاقتها وثيقة يإقتصاد الوطن. أي خطوة في الإتجاه الصحيح ستكون لها أثار إيجابية في مستوى الخدمات ونتائجها. في السنوات الماضية تم تكوين مجلس تطوير النظام الصحي والمجلس الصحي ليساهما في تطوير المنظومة وتقنين مستوى تعليم وترخيص العناصر المقدمة للخدمة الطبية في ليبيا.
وبدل من الدعم لهذه الأجسام تم التعامل معها وكأنها أجسام موازية أنشأت لتحطيم وزارة الصحة. يعني تم الدفع الى الوراء وخسرنا عدة سنوات. والحمد لله الأن تم الإنتباه لهذان الجسمان والعمل جاري لتمكينهما من أداء الدور المناط بهما. فالمجلس الصحي بالتعاون مع نقابة الأطباء ومجلس عمادات التدريب ومجلس التخصصات سيكون لهم الدور الأكبر في ترسيخ مايجب الإلمام به من معلومات ومهارات لكل طبيب وممرض وطبيب أسنان وصيدلي وغيرهم من أعضاء الطواقم الطبية.
يعني بهذا المفهوم تغير الدفع الى الأمام وأدعوا الله لهم بالتوفيق.
إذن ماهي الأجسام الموازية والتي ستفتت وزارة الصحة وتساهم في زيادة مرض المنظومة؟. الإجابة هي كل جسم ينفصل عن وزارة الصحة ويقوم بتقديم خدمة مباشرة للمريض الليبي. لنعرج مثلا على زراعة الأعضاء. زراعة الكلى ومن بعدها الكبد والقلب وغيرها هي تخصصات علمية بدأت في خمسينات القرن الماضي. والأن أصبحت جزء من الخدمات المقدمة داخل أقسام الجراحة العامة. في ليبيا جعلنا منها برنامج وطني في بداية هذا القرن ونجحنا في زراعات العديد من الكلى ولكن لم ننجح في تكوين برنامج منظم لاوطني ولاعلى مستوى مدينة. وبعد الثورة توقفت الزراعة ثم أستأنفت بعد تدريب بسيط لمن بقى من الأطباء.
رجعنا في السنة الماضية وربما قبلها وبدل أن ندخلها كجزء من الخدمات المقدمة بالمستشفى هربنا الى الأمام وأنشأنا الهيئة الوطنية لزراعة الأنسجة والأعضاء. هذا مثل كلاسيكي للأجسام الموازية. هذا النشاط ربما يكون جسم إداري في وزارة الصحة يقوم بتقنين شروط فتح برنامج زراعة ويحدد المستشفيات التي يمكن لها ممارسة هذا التخصص وشروط ترخيص الأطباء وغيرهم الذين يقومون بهذه الجراحة. ولكن أن ننشئ هيئة ونرجع بنفس الترتيبات الماضية ونتوقع نتائج مختلفة فهو الجنون بعينه والهراء في أبشع صورة. هذا هو تفتيت وزارة الصحة وخلق الأجسام الموازية التي لاهم لها إلا إهدار المال العام.
الأن أرى أن أمرًا شبيها قد يحدث الا وهو التفكير في علاج الأورام خارج نطاق وزارة الصحة. فإن حدث أن تكون جسم على وزن الهيئة الوطنية لعلاج الأورام فهذا كذلك جسم موازي ومفتت لعمل الوزارة ولن يزيد الا من الفساد المالي والإداري.
وفي ظل إفراغ المستشفيات من الخبرات الوطنية قرأت كذلك عن مشروع مدن طبية متكاملة ذات ذمة مالية مستقلة. هذا مثل أخر من الأجسام الموازية والتي تفتت من هيكل وزارة الصحة وتفسد الإحصائيات وتهدر الميزانيات وتنعكس سلبيا على الخدمات. الموضوع طويل والمكان المخصص للمقال لايسع. ولكن أتمنى أن أكون قد أوضحت المعنى ولدي الكثير للنقاش.