بقلم / د. غادة محمد حميد
قد يغضب الكثير من الناس من ظروفهم ويلعن البعض الظلام الحالك من حولهم وقد يستاء الكثير من الأحداث والعراقيل التي تواجهه في كل خطوات حياته فهناك من ييأس وهناك من يحبط والقليل هم من يعرف مدى قيم المعاناة ودورها الأساس في بناء الأبطال وكيف تساهم تلك الظروف الصعبة في صقل شخصية الانسان فالمعاناة مدرسة تخرج الأجيال وتصقل القيادات.
حدثوني عن العظماء الذين حققوا المستحيل وأصبحوا في القمة بدون أن يكون للمعاناة دور في صقل حياتهم ودون أن تكون الحواجز والعراقيل سببا في تربية نفوسهم ومن عاش حياة رغيدة وامتلك كل ما يحلم به من الصعب أن يصل للقمة ويكون عظيما لأنه افتقد للدافع الذي يجعله يبذل المستحيل ليصل إلى القمة وحتى وإن وصل فإنه لن يتلذذ بطعمها ولن يشعر بنشوتها.
المعاناة والحاجة تخلق الرغبة إلى التميز والتقدم إلى الأمام فقد يقف الانسان أمام الظروف الصعبة ويرجع للوراء ويخاف من كل شيء كما يقول المثل “من لسعته الأفعى يخشى من الحبل” وهؤلاء هم المتخاذلون وهناك صنف آخر جرب لسعة الأفعى فأصبح يستهين بها وجرب المحن والظروف الصعبة فأصبح يعشق التحدي ويثبت لنفسه وللعالم أنه أقوى من تلك الظروف.
قرأت الكثير من قصص النجاح وركزت في سير العظماء ووجدت أن وراء كل عظيم مصائب ومحن تهز الجبال ولكنها كانت سببا في صقل شخصياتهم وكانت خطوة نحو إثبات وجودهم ولو استعرضت معكم قصصهم ومصائبهم فلن انتهي ويكفينا قصة أحد عظماء البشرية وأولهم كما ذكره مايكل هارت في كتابه الخالدون المائة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم وجاء كاول العظماء في الكتاب حينما نستعرض حياته والأحداث التي مر بها سنجد مصائب ومعاناة تهز الجبال ولكنها لم تستطع على هز هذا الجبل الشامخ والنجم اللامع الذي لم تستطع الدنيا بأكملها أن تقف في وجه دعوته الغراء.