منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية
مقالات مشابهة
في احدى المستشفيات ببنغازي، حيث تشابكت حكايات الألم بالأمل في اسرة طفلة تبلغ الخامسة ، سطّر الطبيب الليبي سالم لنقي فصلاً جديداً في سجل العمليات الناجحة ، ببراعة جراحية أعادت البسمة إلى وجه طفلة صغيرة. البداية كانت وخزاً عابراً، تلك اللحظة المألوفة التي يشعر بها الكثير منا عندما تدوس الاقدام على شيء حاد أثناء التجول الحافي ، لكن هذه المرة، لم يكن الأمر مجرد خدش سطحي.
طفلة لم تتجاوز عامها الخامس ، عندما شعرت بألم حاد ومزعج في قدمها الصغيرة، سرعان ما تبين أن السبب قطعة معدنية صغيرة استقرت في باطن قدمها، وللوهلة الأولى، بدا الأمر بسيطاً، مجرد إبرة خياطة ضلت طريقها واستقرت في مكان غير متوقع وهكذا بدا الأمر للاسرة.
يقول الدكتور سالم لنقي ، عادةً ما تستقر مثل هذه الإصابات بين عضلات القدم أو في الأنسجة الرخوة، لكن هذه الإبرة الصغيرة كانت عنيدة بشكل استثنائي، لقد اخترقت الحاجز العظمي الصلب، وغاصت عميقاً لتستقر داخل نخاع عظم مشط القدم، ذلك التجويف الحيوي الذي يحمل أسرار تكوين الدم.
هنا، تحول الأمر امام الجراح من مجرد إزعاج للطفلة المصابة إلى تحدٍ حقيقي ، فمحاولة سابقة لاستخراج الإبرة في مستشفى آخر باءت بالفشل، و إلى هذا الضيف غير المرغوب به في قلب العظم لم يكن مهمة سهلة،
قبل الدكتور سالم التحدي و كان عليه وفريقه أن يرسموا خريطة دقيقة لرحلة الإبرة المتوغلة، تحت وميض الأشعة السينية، وخلال سير العملية الجراحية الدقيقة، تم تحديد موقع الإبرة المكسورة بدقة متناهية داخل تجويف العظم.
تطلبت المهمة فتح نافذة صغيرة بحذر شديد داخل عظم المشط الثالث لقدم الطفلة، كانت كل حركة محسوبة، فالمساس بأي جزء حيوي داخل العظم يحمل مخاطرة كبيرة، فزاد التوتر لكن خبرة الجراح وتركيز فريقه أثمر نجاحاً باهراً.
الإبرة العنيدة، التي تسببت في كل هذا الألم والقلق، خرجت أخيراً من مكمنها العميق، لحظة استخراجها كانت بمثابة نهاية كابوس وبداية عهد جديد من الراحة للطفلة الصغيرة وعائلتها.
تحول القلق بين أفراد الأسرة الى فرح بنجاة الزهرة الصغيرة التي تغلبت على وخز الإبرة المتعمق في قدمها الصغيرة .
هذه الحادثة تبعث برسالة واضحة إلى جميع الأمهات والآباء بضرورة توخي الحذر والتأكد قدر الإمكان من خلو الأرضيات من مثل هذه الأدوات الحادة والصغيرة التي قد تتحول في لحظة إلى مصدر ألم ومعاناة أطفالهم ، أما هذه الطفلة فقد تحولت الالمها الى قصة نجاح أخرى تُضاف إلى سجل الكفاءات الطبية في بنغازي، وتؤكد أن الأمل والشفاء ممكنان حتى في أصعب الظروف.
