حسين نصيب المالكي
الكتابة عن تاريخ الجهاد وعن الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن وتحريره شرف ما بعده شرف.. وهذا ما فعله الصحفي والقاص والإذاعي عبد الرحمن سلامة , الذي صدر له من قبل المجموعة القصصية الأولى : (من أين تؤكل الكتف؟ ) والمجموعة القصصية الثانية (ودّ ) والمجموعة القصصية الثالثة : ( قلق ) وكتاب المرافئ وهو عبارة عن حوارات ولقاءات مع الكتاب والأدباء الليبيين والعرب..
وهذه الأيام صدر له كتاب (والدي عمر المختار ) عن دار البيان للنشر والتوزيع بنغازي وإن كان هذا الكتاب لم ير النور إلا بعد رحيل الشيخ الطيب الوقور محمد المختار وانتقاله إلى الرفيق الأعلى في 12 يونيو سنة 2018م.
وأفرد المؤلف في هذا الكتاب محطات من سيرة شيخ المجاهدين عمر المختار وابنه محمد المختار, بعد لقاءات وزيارات متكررة من المؤلف لنجل شيخ الشهداء محمد المختار في بيته بمدينة بنغازي أو أثناء زيارته لمدينة طبرق وتسجيلات لقاءات وحوارات مطولة معه.
وفي هذا الكتاب, جاء المؤلف بمعلومات تنشر لأول مرة عن مرضعة شيخ الجهاد عمر المختار وهي الحاجة المدهمه الحبوني على لسان ابنه محمد المختار، وأن عمر المختار لم يكن مدرسا فقط بل داعية إسلامياً في أفريقيا ، وكذلك نسب والده فهو من قبيلة المنفه وكذلك اخواله من المنفه.
بعد الاستهلال والمقدمة يتحدث الحاج محمد المختار للمؤلف عن والده شيخ الجهاد عمر المختار نبذة مبسطة عن اسمه بالكامل وسيرة حياته، حتى إعدامه على يد إيطاليا الغازية بمدينة سلوق في السادس عشر من سبتمبر 1931م، ثم يتحدث الحاج محمد ويسرد سيرته وحياته ، من الولادة حيث ولد في العويلية بالمرج سنة 1921 م في بيت شعر ، وعندما كبر حفظ القران الكريم على يد الشيخ أحمد المسلاتي ، ثم كيف انتقلوا إلى زاوية القصور، وبسبب بطش العدو الإيطالي وحشر الأهالي في معتقلات العقيلة والبريقة، رحل محمد المختار مع أسرته في أواخر سنة 1927 م إلى مصر ، واستقروا هناك في منطقة سيدي براني، حتى علموا باستشهاد شيخ الجهاد عمر المختار ، ثم انتقلوا إلى منطقة الحمام ،ودرس محمد المختار في القسم الداخلي بمدرسة الشاطبي بالإسكندرية ، حتى الصف الخامس الابتدائي، وعندما توفيت أمه انقطع عن الدراسة ، وبعد أن كبر انضم إلى جيش التحرير السنوسي ، وتحصل على رتبة (شاويش) ثم ضابطاً فيما بعد ، و تزوج سنة 1942 م من ابنة عمه ، وعاد إلى ليبيا في سنة 1948م ، وعمل مديرا للأهالي بمنطقة جردس العبيد حتى سنة 1952م .
وتحصل على مسكن شعبي في سبعينيات القرن الماضي ، تم بنا منزلاً واسعاً فخماً بمنطقة الحدائق ببنغازي يليق بمكانته ، كما تحدث عن زيارته لإيطاليا وتقبيل رئيس وزرائها سلفيو بيرلسكوني يده سنة 2009م ، كما زارها أيضا سنة 2010م مع أبناء المجاهدين .
هذا الكتاب الشائق للصحفي عبد الرحمن سلامة ، والذي كتب بأسلوب السهل الممتنع ، هو في الحقيقة وثيقة تاريخية مهمة ، لشخصية جديرة بالتقدير والاحترام، ومبادرة وفاء طيبة من مؤلف يستحق عليها كل الثناء والتقدير لهذا العمل الكبير.