أحلام محمد الكميشي
في بلاد المسلمين لا تحتاج المرأة ليوم عالمي للتذكير بحقوقها، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فلم يكرم تشريع المرأة كما كرّمها الإسلام إذ منحها حقوقا تامة وعدل بينها وبين الرجل في منظومة متكاملة من الحقوق والواجبات، وشرّفها الله بأن جعل أم المؤمنين السيدة “خديجة” أول من يبلغه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام برسالة السماء وأول من يؤمن به.
وفي قصص القرآن الكريم ورد ذكر الدور الهام لأم سيدنا “موسى” عليه السلام وأخته في إنقاذه من بطش فرعون بأمر الله، بينما تآمر إخوة “يوسف” عليه السلام على أخيهم وعصوا والدهم “يعقوب” عليه السلام، وذكرُ السيدة مريم الصدّيقة، وانتساب سيدنا عيسى إليها فقط في زمن الأسر الأبوية والعشائر، وذكرُ ملكة سبأ التي استشارت قومها ثم آمنت بسيدنا “سليمان” عليه السلام وأنقذت نفسها وقومها من الهلاك، بينما كذّب “فرعون” رسل الله وأغرق قومه معه في اليم، وذكرُ أخذ سيدنا “شعيب” عليه السلام بمشورة ابنته فوهبه الله صهرًا رسولا، وضرب الله مثلا للذين كفروا “امرأت نوح” و”امرأة لوط”، ومثلا للذين ءامنوا “امرأت فرعون” والسيدة “مريم” في توازن يقطع الطريق على من يروج لأي عنصرية تستهدف المرأة في الإسلام.
وبرّأ القرآن الكريم زوج سيدنا “آدم” عليه السلام من تهمة إغوائه كي يأكل من الشجرة، قال تعالى) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ (122) )، ويرد القرآن الكريم على من يربط المعصية بسلوك المرأة فقط فهذا “يوسف” عليه السلام لم يعص الله رغم وجوده في بيت المرأة التي راودته عن نفسه واختار السجن على معصية الله.
ولم يقل الله تعالى ولا نبيه الكريم أن صوت المرأة عورة، إذ ذكر القرآن الكريم أن الله سمع قول المرأة التي تجادل رسوله في زوجها وتشتكي إلى الله وأنه يسمع تحاورهما، في سياق ليس فيه نهي ولا تأنيب، وهذه المرأة نفسها التي التقت أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” وأوقفته لتعظه وسمع منها ولما سأله مرافقوه قال لهم أن هذه التي سمع الله صوتها من فوق سبع سماوات، أيسمع الله ويأبى عمر؟ ويكمل أنها لو أوقفته طول اليوم لم يتركها إلا للصلاة المكتوبة حتى تترك هي.
وتوثق كتب السيرة وجود سيدتين ضمن وفد بيعة العقبة قبل الهجرة، كما توثق أخذ سيدنا “محمد” عليه الصلاة والسلام بمشورة أم المؤمنين السيدة “أم سلمة” في صلح الحديبية عندما قالت له: (يا رسول الله انحر هديك واحلق رأسك وإذا رآك الناس فعلت ذلك فعلوا ذلك)، في حجة دامغة على من يقول (شاورها وماتاخذش برأيها)، وثبت عن رسول الله قوله (إني لأقوم في الصلاة وأريد أن أُطَوِّل فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه) وهذه حجة على من يطالب المرأة بأن تلزم بيتها وأن خروجها هو اختلاط في حين أن الإسلام لم يمنع المرأة من الخروج لأي أمر مشروع كالعلم والعمل والجهاد والعبادة وغيرها في ظل الالتزام بالضوابط الشرعية، وهذه الضوابط الشرعية أمر الله بها الرجل والمرأة كل فيما هو مكلف به وفي كافة جوانب الحياة من أدق التفاصيل إلى أكبرها.