رصد: سعاد السويحلي
خليك بالبيت.. إلزم بيتك.. أقعد في حوشك.. أقعد في دارك وحافظ على صغارك.. لاتخرج من بيتك، عبارات وإعلانات و”هاشتاقات” كثيرة، أجمعت، بلغة مختصرة، على ضرورة الالتزام بالبقاء في البيت!.
فما مدى استجابة المواطن الليبي لتلك الرسائل وما رافقها من قرارات تنظيم مواعيد ساعات الحظر وتمديدها؟..
وهل كان المواطن على مستوى كبير من الوعي وتفهم تلك التعليمات التي هي،يقينا، من أجله؟.
*الوعي ومدى الاستجابة
تنوعت وجهات نظر من استطلعنا آراءهم، الا أنها تؤكد في مجملها على ضرورة المحافظة على النفس بالحرص على الوقاية وتطبيق تعليمات الحجر الصحي، واستثمار الوقت فيما ينفع..
فهل لهذا التقيد تأثير في الحد من مخاطر العدوى؟..
وماذا عن الآثار النفسية لهذا الحظر ودوره فيما يعرف ب”التباعد الاجتماعي؟.
هذا ماحاولت “الصباح” رصده من خلال استطلاع راي عدد من المختصين والمهتمبن.
*التوعية والمشورة النفسية
البداية كانت مع الأستاذ “رجب محمد بوجناح” الاختصاصي النفسي بقسم الصحة النفسية بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض الذي قال: تمر بلادنا وباقي دول العالم بأزمة انتشار فايروس كورونا “كوفيد 19″، والجميع يتعرض في الأزمات للكثير من حالات القلق والتوتر حد الهلع أحيانا، وقد تضهر بعض أعراض الاكتئاب أو الوسواس القهري عند بعض الأفراد، ويجب أن ندرك أن هذه الأعراض هي أعراض مؤقتة مرتبطة بحدث معين، وهو هنا الخوف من العدوى، وخشية الذهاب الى المرافق الصحية للكشف من أهم نتائج هذا الخوف..
لذلك، يضيف “بوجناح”، نرى ضرورة التركيز على التوعية والمشورة النفسية، والدور الأكبر يقع الآن على الاختصاصيين، سواء في الجهات الحكومية أو الخاصة لتقديم المشورة والدعم النفسي.
“اللي يخاف من الغولة تطلعله”!
أما الدكتور بدر الباجقني، المتخصص في إعداد فرق الطوارئ والإنقاذ والتدخّل الجراحي السريع وإدارة الكوارث والأزمات، ورئيس فريق الأطباء والمساعدين في حملة “الطبيب يجيك لحوشك”..فقد أشار الى أن التوازن النفسي له دور كبير في مجابهة أي مرض، وقال: أؤكد على عدم الخوف والقلق والتوتر، وبحسب قوله، فان 75% من العلاج نفسي.. وحسبما هو متعارف عليه طبيا ان الخوف يزيد من إفراز الجسم لمادة “الأدرينالبن”.. وكما قيل قديما “اللي يخاف من الغولة تطلعله”، لهذا أدعو الجميع الى أخذ الأمر بحكمة وحرص، ولانجعل من الخوف عاملا مساعدا لاختلال توازننا النفسي.
*استخدام وسائل الوقاية سلوك يعكس قوة الشخصية
وقالت الأستاذة “آمال الصيد أبوعبود”، اختصاصية المكتبات والمعلومات بالمكتبة القومية المركزية:
عن نفسي..كان لدي قليل من الخوف من الفيروس، لكن بعد أن أطلعت علي تفاصيله، وطرق العدوي، وسبل الوقاية منه والمحافظة، بدأ زوال الخوف وحل الارتياح، واعتبرت أن استخدام وسائل الوقاية من الفيروس سلوك يعكس قوة الشخصية للفرد، وحرصه علي سلامته و سلامة اهله ومن حوله.. اختفت عندي نظرة الخوف، وبدأت في تطبيق ماتم التأكيد عليه في نشرات التوعية الصحية والوقائية من الفيروس.
وتضيف واصفة أولى خطواتها في الوقاية: “في البداية.. طبقت الحجرالصحى بالمنزل بنسبة 100 % مع استخدام وسائل التعقيم بشكل معتدل..وغير مبالغ فيه لدرجة الوسواس..وبعدها بدأت في التغلب على وقت الفراغ بعدة وسائل، منها إعادة ترتيب بعض الأعمال المؤجلة بالبيت، بحكم انه لم يكن عندنا وقت لها مع الشغل. الى جانب القراءة والمطالعة والبحث والتواصل مع الأصدقاء والأقارب عبر صفحات التواصل الإجتماعي، مع نشر منشورات ننصح عبرها الأصدقاء علي الالتزام بها بالمنزل، واستثمار وقتهم بالقراءة، مع نشر الطمأنينة بينهم، والدعاء لرفع البلاء والوباء..
وحول تدابيرها عند الخروج الاضطراري أكدت “أبوعبود” قائلة: كنت غير قلقة كثيرا داخل البيت مقارنة بالخطر الذي سوف نواجهه بالخارج.. وانما كان القلق عند خروج الأشخاص المحيطين بي لقضاء الحاجات.. من حيث توعيتهم بضرورة استخدام وسائل الوقاية والتعقيم خارج وداخل المنزل، والتزامهم بالمسافات الآمنة قدر الامكان..
وتضيف: أما بالنسبة لتأثير الوباء أري أن تأثيره الأكبر بأتي من الناحية النفسية والاقتصادية أكثر من الناحية الإجتماعية التي يمكن بوسائل الاتصال الاجتماعي أن يتم تعويضها، ولو نسبيا، لكن الأصعب يتمثل في توفير حاجاتهم الاقتصادية في ظل الظروف المادية الصعبة التي نعاني منها بسبب عدم توفر السيولة وتأخر الرواتب مما اثر علي استقرارهم النفسي، وتنامي القلق والخوف من المرض في ظل عدم توفر الرعاية الصحية الكاملة في المستشفيات.. خلاصة القول، تختم “آمال أبوعبود”، يجب علينا التحلي بالروح الإيجابية، وغرس الطمأنينة والتفاؤل بين الناس، مع أخذ الحذر والحيطة، والالتزام الجماعي بسلوكيات الوقاية بالتأكيد ستساهم في الحد من انتشار العدوى.. نسأل الله السلامة للجميع.. خليك بالبيت، واستثمر وقتك في القراءة، فالوقاية خير من العلاج.
*النظافة من الايمان
وقالت “سالمة الصادق عطية”، أستاذة الاجتماعيات والعلوم : ثقتي بالله كبيرة.. نحن مسلمون، وطالما نتوضأ في اليوم خمس مرات سيختفي الفيروس لأنه يدخل عن طريق مجري التنفس ويبقي في الحنجرة لأربع ساعات قبل أن يتسلل الى الرئتين، ولاحظي الوقت ما بين الصلاة والأخري، فالحمد لله نحن كمجتمع مسلم نحافظ علي نظافتنا، فالنظافة من الايمان، كما جاء في الأثر.
وتشير “عطية” الى أن القلق بالنسبة لها يتعلق بمستقبل الطلاب بسبب التأخر في الدراسة والمنهج.. وعلى كل حال، ادعو الى الالتزام بالتعليمات والبقاء في البيوت يحفظكم الله.
*الحاجة للتوعية النفسية
ومن جانبه قال السيد نوري البكاي: نحن في أمس الحاجة اليوم إلى التوعية النفسية لما يعانيه المواطن من أزمات نتيجة الظروف الراهنة، سواء مايتعلق بالاقتتال الدائر بين أبناء الشعب الواحد، أو مخاطر فايروس كورونا.
مضيفا: أتمنى أن يتم التركيز على التوعية في وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية ومنصات التواصل الاجتماعي.