تواصل
بقلم /محمد الفيتوري
هل كان هناك ربيع عربي قبل عقد من الزمن جاء بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم للكثير من الدول في العالم العربي؟! وهل بسقوط العديد من الأنظمة السياسية العربية ارتفعت مكانة دولها وحققت ما كانت تصبو إليه حتى وهي تفتقد للموارد والإمكانات الشارع العربي وحده القادر على تقديم الإجابة بعد مرور عشر سنوات من الأحداث الدراماتكية التي شهدتها دول عربية بعينها ولم تشهدها دول أخرى اوصدت أبوابها أمام هذا الربيع الذي لم يكن ربيعاً بالقدر الكافي لأنه ذهب بأمن واستقرار المنطقة العربية وادخلها في دوامة صراعات سياسية وخيمة العواقب أدت إلى حدوث فوضى اتضح بعد ذلك أنه خطط لها منذ سنين واطلقوا عليها مصطلح “الفوضى الخلاقة” من أجل تحقيق أهدافهم ومصالحهم مستغلين الظروف السياسية والاقتصادية السيئة التي تعيش في ظلها الشعوب العربية التي تعاني في الغالب من الكبت السياسي وتتوق للديمقراطية التي يطبقها الآخرون ولا تدرك المخاطر المحدقة بعملية التحول نحو الديمقراطية المزعومة عند القيام بها لاسيما من قبل المتربصين والمنتظرين للفرصة لأجل الانقضاض والسيطرة.
إن الشعوب العربية التي زارها الربيع العربي لم تعد أفضل حال وقد دفعت فواتير باهضة للسلعة الغربية التي تسمى “بالديمقراطية” وإن النوايا الطيبة لاتفضى دائماً إلى واقع أفضل يتوق إليه الملايين ممن اكتووا بالظلم والقهر والاستبداد عقودا طويلة من الزمن ووجدوا ظالتهم في ذاك الربيع لكي يقلبوا الطاولة على أنظمتهم السياسية طمعاً في الحرية والعيش الكريم ثم مع مرور الوقت تتلاشى أحلامهم وأطماعهم وتتحول إلى كوابيس في الغالب!!.
لأن الحصاد كان عزيلاً ولم يرتقى لمستوى تضحيات الشارع العربي لأسباب لم تعد خافية على احد ولهذا فإن استخلاص النتائج ليست بالأمر الصعب بعد مرور كل هذه السنوات والخارطة العربية ومن دون كل الخرائط الاقليمية مفككة وهشة وتعيش الفوضى تحت سقف من المعاناة والانهيارات المتوالية وعواقب أبداً لم تكن في حسبان أكثر المتشائميين.
يشير تقرير المنتدى الاستراتيجي العربي أن الدول العربية تكبدت خسائر تقدر بأكثر من ثمانمئة مليار دولار إضافة إلى مقتل وجرح أكثر من مليون إنسان بسبب الحروب والصراعات في الفترة مابين 2011 – 2014 .
وإن حجم الضرر الذي لحق بالبنى التحتية بلع مايعادل اربعمائة وواحد وستين مليار دولار علاوة على تدمير بعض المواقع الاثرية التي لاتقدر بثمن وحسب التقرير المشار إليه آنفاً فإن الخسائر التراكمية للناتج الإجمالى المحلي الذي كان بالإمكان تحقيقه بلغ مائتان وثمان وتسعون مليار دولار عند احتساب تقديرات نحو الناتج الإجمالى المحلى نسبة إلى سعر صرف العملات المحلية وتسببت الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية منذ مطلع العام 2011 في تراجع تدفق السياح الأجانب بحدود مائة وثلاثة مليون سائح وتشريد أكثر من أربعة عشر مليون لاجي وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير يستند في بياناته على تحليل المعلومات الواردة في تقارير عالمية صادرة عن البنك الدولى والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والمركز العالمى التابع لمنظمة التجارة العالمية.
لاشك أنها أرقام مقلقة ينبغي الوقوف أمامها لأجل استخلاص العبر والدروس وتصحيح المسارات الخاطئة التي افضت إلى هذا الواقع بعد كل هذه السنوات التي مرت على العديد من الشعوب العربية التي لم تكن تطمح إلا بالحقوق الإنسانية والعيش الكريم داخل أوطانها