منصة الصباح
هاشم شليق

الهوية الوطنية ودور القبيلة

هاشم شليق

تحظى ثقافتنا بالإعجاب لكن في ظل الظروف الحالية التي أدت إلى تراجع السياحة ومن ثم فقدان عامل مهم لتعزيز السمعة العالمية..لابد من البحث عن فعاليات تسهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتغيير الصور النمطية عند الغير..

ففي عصر غالبا ما تُشوّه فيه وسائل الإعلام الواقع الغالب وتنتقص من حقيقة اتجاهات الرأي العام تتيح التجارب الثقافية المباشرة للجمهور الأجنبي رؤية أكثر دقة..فقد أصبحت أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيزها أكثر إلحاحا من أي وقت مضى..

ومن الطرق الفعّالة تنظيم الفعاليات الثقافية في الخارج..وفي هذا الصدد احتضنت العاصمة البريطانية لندن المعرض الفني الليبي تحت عنوان “روح الهوية” من خلال أعمال 3 من الفنانين الليبيين المبدعين..كما تخلل برنامجه فعالية أدبية متميزة بمناسبة إطلاق كتاب جديد..مما يقودنا من ناحية أخرى إلى أهمية مساهمة البرامج الثقافية في إعادة التواصل مع المغتربين..الذين في جعبتهم الكثير ليقدموه للوطن..

وهنا لا يمكن اغفال دور القبائل الحيوي في تشكيل الثقافة الوطنية ونشرها..فبصفتها راعية للتقاليد العريقة التي تُشكل أساس الهوية الثقافية للأمة..من المفترض ألا نراها تكتفي بحماية تراثها فحسب بل تشاركه أيضا مع المجتمع الأوسع نحو تماسك النسيج الوطني..

لذا المطلوب من وزارتي الثقافة والخدمة الإجتماعية البحث عن وسائل عملية للربط بين القبائل الليبية بحيث لا يقتصر دور المشائخ والأعيان على حلحلة الأزمات السياسية بل مناط بهم بالدرجة الأولى تبني الأجيال الحالية ودفعهم نحو الترابط الثقافي حتى لا تغلب عليهم النعرة القبلية كلما طفا حدث على السطح على حساب الوحدة الوطنية..فتماسك القاعدة الشعبية هي الأساس لأي تقدم سياسي واقتصادي..شريطة ذوبان الرسمي في القبلي دون أن تكون دولة داخل الدولة تعيد البلاد بعد كل خطب إلى المربع الأول..

ويحل مفهوم الدولة العميقة القبلية بدلا من المفهوم السياسي والأمني وهذه ميزة لا تتوفر عند الكثيرين ولا تعد سلبية..ومثلما هناك مسابقات تعليمية بين المدارس ودوريات كروية بين الأندية..يمكن قبئلة شبيه تلك الأنشطة كذلك لتعم كل التراب الليبي..ولما لا استحداث منصب ناطق رسمي للقبائل الليبية..أما المدن بطبيعة الحال فتظل مساحات حضرية تختص بالحداثة لكن لقاطنيها جسر عبور ذهاب وإقامة وعودة بين القرية والضاحية والصحراء والمدينة..

الأمر بالغ الأهمية لأنه يصون الحالي ويمهد الطريق نحو السلم المجتمعي للأجيال القادمة..فالأمور السياسية والاقتصادية كالترمومتر تصعد وتنخفض وفق متطلبات المرحلة لكن الإجتماعي يقاس بديمومة الإستقرار المجتمعي وهو البوصلة الأمنية في نهاية المؤشر..

شاهد أيضاً

جمعة بوكليب

عيونٌ طرابلسية

جمعة بوكليب المكتوب من عنوانه، والكتاب من غلافه.هذا ما يقوله مثل قديم. لكن كتاب الشاعر …