منصة الصباح

نهضة

محمود البوسيفي

لن اتحدث هنا عن نهضة ألمانيا أو اليابان عقب الحرب الكونية الثانية بعدما لحق بهما من خراب ودمار شبه شامل.

فقد كانتا قبل الحرب من الدول المتقدمة في مختلف الميادين. وتتمتعان بإمكانات هائلة على الأصعدة كافة, فضلاً عن تقاليدهما الصارمة في الانضباط و تقديس قيمة العمل واحترام الوقت والعائلة والتكافل الاجتماعي, والاعتزاز الواضح بالهوية القومية (اللغة والتاريخ الوطني(

سأتحدث هنا عن بلد لم يكن يحض بما توفر لليابان وألمانيا من إمكانات وفضائل.. بلد كان محتلاً في النصف الأول من القرن الماضي.

وعقب حصوله على الاستقلال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان (الدولة المحتلة) دخلت كوريا في حرب (1950 – 1953) مدمرة انتهت بتقسيمها إلى دولتين.

في 1961 وصل متوسط دخل الفرد في جنوب كوريا إلى 82 دولاراً سنوياً, وفي العام 1967 احتفلت البلاد ببلوغ متوسط دخل الفرد 200 دولار.

في العام 2000  تجاوز الرقم معدل (30.000 ألف دولار سنوياً

السر يكمن أولاً في تحرر الإرادة بالتعويل على صناعة المستقبل والاستثمار في التعليم بإصلاح شامل, اعتباراً من نهاية الحرب الأهلية, وثانياً بتجفيف منابع الفساد وتجريمه وطنياً, ثالثاً الانتقال من الزراعة البدائية إلى عوالم التقنية والصناعات المتنوعة من النسيج إلى التعدين, وصولاً إلى البرمجيات ومافي حكمها.

وفي تزامن مع كل ذلك الإنفاق المبرمج على البحث العلمي ومراكز البحوث والدراسات, والاستثمار في تحويل القطاع الخاص إلى حاضنة للتحول الاقتصادي والاجتماعي.

حتى وصل الأمر إلى أن تبلغ نسبة العاملين في هذا القطاع أكثر من 80 % من مجموع القوى العاملة, ووصلت مشاركته في الناتج القومي إلى 89 %..

في سنوات البناء كانت المقاهي والحانات وما تيسر من حدائق ومتنزهات تكاد تكون حكراً على المسنين والمعاقين.. الشباب كانوا في المدارس والجامعات والمعاهد والمصانع.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …