منصة الصباح
عبدالسلام الغرياني

نكتة بطعم الشماتة..ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

عبدالسلام الغرياني

إهانة متعددة الرؤوس تطعن جوائز نوبل في الصميم. تخيلوا: ترشيح رجل أشعل حروباً تجارية طاحنة، وطعن حلفاء أمته في الظهر، وهزّ الكرة الأرضية بتهديداته النووية الفجة ضد كوريا الشمالية، بل وأمر باغتيال شخصيات عربية و ايرانية في خرق صارخ للقانون الدولي، ناهيك عن مسؤولية تاريخية عن موت مئات الآلاف بفعل إدارته الكارثية لجائحة كورونا… كيف يُقدم اليوم كـ “رسول سلام”؟ ومن يقفزون فرحاً بـ “اتفاقات أبراهام” كمسوّغ، كأنهم يبيعون الوهم علناً! تلك الصفقات التي لم توقف رصاصة واحدة في القدس أو غزة، مجرد صفقات تجارية مبطنة بدم الفلسطيني المسفوك يومياً، كأن السلام أصبح سلعةً تُساوم عليها العواصم كالملابس المستعملة.

ثم هل نغمض أعيننا عن تدنيس هذا الترشيح لمقدسات الأدب؟ جائزة نوبل التي كرّمت عمالقة السرد الإنساني من شولوخوف إلى بارغاس يوسا، تُلوّث اليوم بربطها برجل حوّل خطاباته إلى ساحات للتحريض، فشتم خصومه بـ “الكلاب السفاحة” ونعت الأوبئة بأسماء عرقية. حتى تغريداته التي تشبه صياح الغربان، أصبحت مرجعاً للكراهية المنظمة. أن يُقرن اسمه ولو من بعيد بأساطير الأدب، فهذا ليس إهانة للجائزة فحسب، بل انتهاكٌ لروح بابلو نيرودا، و طاغور،وباسترناك اللذين عانقوا الإنسانية في نصوصهم.

أما التشويه الذي يلحق بعلوم نوبل فحدّث ولا حرج! في الكيمياء: كيف لرجل سحب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، وأنكر حتى وجود الاحترار العالمي، أن يُذكر في سياق علم أنقذت اكتشافاته البشرية من كوارث بيئية؟ وفي الفيزياء: هل يعقل أن يُربط من شكك في أبجديات الطب الوقائي خلال الجائحة، برواد كشفوا أسرار الكون؟ هذا ليس ترشيحاً بل تشويهاً متعمداً لصورة أينشتاين نفسه! أما الطب فمأساة مضحكة: رئيس روّج لحقن المطهرات كعلاج لكوفيد، وعرقل توزيع اللقاحات بدل تعزيزها، يُقدّم كمرشح لجائزة خلدت فلمنغ وباستور؟ كأن الجائزة صارت تُمنح لمن يبتكر طرقاً جديدة لقتل المرضى بدل إنقاذهم!

ولا تُخدعوا بالضجيج؛ فخلف هذه المهزلة أيادي مشبوهة. من يروجون للترشيح ليسوا “مواطنين طيبين”، بل آلة دعاية يمينية تموّلها أموال مظلمة، تحوّلت جائزة نوبل إلى أداة في معركتهم التلفزيونية الرخيصة. وتسريب الاسم قبل أشهر من مداولة الأسماء ليس بريئاً، بل هو تكتيك مكشوف لتلميع صورة ديكتاتور يهدد بسلاحه الفتاك أركان الديمقراطية ذاتها.

إن قبلت لجنة نوبل هذه السيرك السياسي، فستكون قد باعت آخر ذرة من مصداقيتها. جائزة أسسها مخترع الديناميت نادماً على استخدامه في الحروب، ستتحول إلى ديناميت فكري يفجّر قيمة السلام نفسه. نوبل الذي أراد تكريم من “قدموا أكبر خدمة للإنسانية” سيصير أضحوكة في يد من حوّلوا الإنسانية إلى ساحة غنائم. هذا ليس ترشيحاً، بل تشييع رسمي لمفهوم السلام، وانتحار أخلاقي للعقل العالمي، ووصمة عار في جبين القرن الحادي والعشرين—كأنما كفانا خراب ترامب للسياسة، فأراد أن ينهب أيضاً رموز الإنجاز البشري كي يثبت لنا: لا قداسة بعد اليوم!
لو منحوه نوبل السلام فليمنحوه نوبل الكيمياء أيضاً؛ فقد أبدع في تحويل الدبلوماسية إلى غازات سامة! أما في الطب، فعبقريته في ‘علاج’ الحقائق العلمية بالجهل تستحق التتويج!.

شاهد أيضاً

هاشم شليق

العام الدراسي القادم

هاشم شليق بعد الإطلاع على بعض الأنظمة التعليمية مثل كندا نجد أن أولياء الأمور يساهمون …