بدون سقــف
بقلم : عبدالرزاق الداهش
لو كانت لدينا نقابة للصحفيين، لما كان وضع الصحفيين هكذا، وكذلك أحوال الصحافة على هذا النحو. هذه الفرضية شجعتني، وبالتأكيد شجعت غيري على ترسيم خارطة طريق، لتأسيس نقابة مطلبية، لتعزيز التضامن المهني، وحماية المعايير الصحافية، وكراسة شروطها.والحقيقة ليس لدينا نقابة لا بشرعية القانون، ولا بشرعية الانجاز، ولا حتى بشرعية الحضور. لذا سنكون محتاجين أولا إلى منصات للتفكير، وسنكون محتاجين إلى عصف ذهني ثم اختيار لجنة تأسيسية، بطريقة التوافق، تتصدى لجملة مهمات خلال مرحلة ما قبل انعقاد المؤتمر العام. تتولى اللجنة وضع شروط العضوية العاملة، وفتح سجل الانتساب، واقتراح النظام الأساسي للنقابة، أو الفدرالية الصحفية، إذا ما فكرنا في بناء عدد من النقابات بشكل نوعي ليجتمعوا في اتحاد عام.
كما تعد مسودة لمدونة سلوك، وميثاق شرف صحفي، ومشروع وداديات، والبطاقة الصحفية الموحدة، وتصور بشأن صندوق للزمالة. وستكون اللجنة متفرعة لعدة لجان كي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها، مثل لجنة قانونية، لجنة شؤون العضوية، لجنة المالية والموارد، لجنة التواصل، وحتى لجنة لرصد جودة المحتوى.
خارطة الطريق ضمنتها ملامح لمدونة السلوك، لأنها في تقديري هي دستور، للصحفيين مثل:
ـ الوصول إلى الحقيقة هو حق لكل الناس، وهو جوهر صناعة الصحافة، ولهذا فالتقصي، والتحقق، وتوخي الدقة، في النقل، وطرح الأسئلة، وعرض كل وجهات النظر، هو شرط مهني.
ـ حماية الخصوصية، والحفاظ على سرية مصادر المعلومات والحصول عليها تطوعا.
ـ عدم الخلط بين ما هو رأي وما هو رواية، وبين المواد التحريرية والمواد الترويجية، وبين الوقائع والاستنتاجات.
ـ استخدام امتحان الأذى قبل بث، أو نشر الأنباء.
ـ الموضوعية، والعدالة في التعامل مع قضايا النشر، مثل حق الرد، وتصحيح الأخطاء فور وقوعها، وثقافة الاعتذار.
فضلا عن ذلك تجنب بالمطلق خطاب الضغينة، والتمييز ضد الأخر، والشيطنة، والتشفي، والتفوق، وعلى هذا النحو.
المهم أن هذا الاجتهاد كان في متناول عدد من الزملاء، والكتاب، وشخصيات لصيقة بالشأن، ممن كان بوسعي التواصل معهم، والملحوظة الوحيدة المتكررة هي، ضرورة التشديد في شروط العضوية، لضمان تأسيس نقابة حقيقية لصحفيين حقيقيين، على معايير دولية صارمة. دعيت مع عدد من الصحفيين الليبيين من قبل الزملاء في الاتحاد الدولي، واتحاد الصحفيين العرب، للقاء في تونس يتعلق بأوضاع الصحفيين، وإعادة بناء جسمهم النقابي. الاتحاد الدولي يشكل إطاراً للتضامن الدولي والعرب كإطار اقليمي، وتبقى النقابة هي الأهم، لأنها الإطار الوطني. وتم مناقشة خارطة الطريق المقدمة، وانتهي اللقاء باعتماد الخارطة، لبناء نقابة وطنية واحدة لكل ليبيا، وداخل ليبيا، ويبقى دور الاتحادين الدولي والعربي، هو الاشراف على انتخابات رئاسة النقابة، وأمانتها العامة ولجانها العاملة. وبالفعل بدأنا، وكان حماس الزملاء أقوى من ربكة البدايات، وتم فتح سجل العضوية في مختلف مناطق ليبيا، وتشكلت لجنة تأسيسية.
ولأننا نريد أن نكون جزءاً من التوحيد لا الانقسام السياسي ولا المؤسساتي، ولأننا نريد نقابة بقواعد سليمة، وآليات ناضجة، بعيدا عن الطهقة الليبية، قررنا تجميد العمل في آخر مراحله. ولكن هذا لا يعني أن لا نقول مرة أخرى توكلنا على الله.