منصة الصباح

 نظرية القارب المقلوب

بدون سقف

بقلم : عبدالرزاق الداهش

ماذا لو غرق مركب في البحر، وعليه شخص مسلم وآخر مسيحي وثالث هندوسي، ورابع يهودي، ومعهم رجل فقير، وآخر غني، وبائع ذهب، وبائع سمك، فمن سيخرج سالما في تصورك؟

بالتأكيد سيخرج من يجيد السباحة، بصرف النظر عن دينه، أو لونه، أو مهنته، أو ثروته، أو بلده.

النوايا الطيبة جيدة، والخوف أحيانا مفيد، ولكن المعرفة هي أفضل رأسمال في التعامل مع الأزمات، وفي إدارة هذه الأزمات.

کورونا فيروس لا يظهر من تحت الأرض، ولا ينزل من السماء، ولا يملك أقداما، ولا أجنحة، يعني أنه لن يجيء إلى ليبيا إلا بصحبة شخص قادم من منطقة انتشار الفيروس.

الشخص الحامل للفيروس يمكن أن يكون ايطالياً، مصرياً، ليبياً، نقصد أن أي قادم من الخارج يمكن أن يكون قنبلة بيولوجية متنقلة .

خط دفاع ليبيا الأول ليس في شارع عمر المختار في طرابلس، أو جمال عبد الناصر في بنغازي، أو في أية مدينة ليبية، بل في كل منفذ، وكل معبر، مع العالم.

لو أننا ضبطنا كل المنافذ فبوسعنا أن نعيش حياة عادية، المقاهي مفتوحة، والأسواق الشعبية، والمآتم مزدحمة، كما لو لا وجود لفيروس كورونا، ولكن هل يمكن أن يتحقق ذلك ؟

نقصد هل نضمن أن الانضباط تم بعدم مرور أي شخص، حتی بدون فحص، بسبب الواسطة، بسبب المجاملة، التسيب، وقلة المعرفة تؤدي إلى سوء التقدير.

اسبانيا التي يتخطى فيها رقم الإصابات العشرين ألف إصابة، وأكثر من ألف حالة وفاة انتقل لها فيروس كورونا عبر مباراة في كرة القدم، بدون حضور الجمهور، جمعت فريق اسباني بأخر إيطالي.

لذا فنحن محتاجون إلى أكثر من سيناريو، فكيف نتعامل مع الموقف مع عدم تسجيل أية حالة إصابة، وكيف نتعامل بعد أول إصابة وكيف ندير الأزمة، مع فرضيات أسوأ.

رش الشوارع بالمواد المطهرة عمل جيد، ولكن لا علاقة له بمقاومة فيروس كورونا، وارتداء كمامات الغبار لا تحمي من كورونا .

لابد أن نفهم طبيعة هذا الفيروس، لأن مقاومته تعتمد على سلوكنا الجمعي والفردي.

الفيروس على خطورته ضعيف، وعلى سرعة انتشاره فهو ثقيل، وعلى تكاثره المرتفع فهو لا يتكاثر إلى داخل الخلية البشرية.

التهويل ضار، والاستخفاف مكلف، ونحن في عصر التدفق المعلوماتي، وليس التعاويذ وصدرية النجاة هي المعرفة.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …